يغزو منه عقيدتهم ويعبث بكيانهم القبلي ويحد من اباحيتهم ولكنها عناية الله أبت إلا أن ينفذ أمر الله فيما قضى وأن تحرم مكة الى حد ما من شرف مؤازرته ونصرة دعوته (١).
وهاجت بطون مكة لخلوصه من أيديهم رغم ما حاولت من عراقيل وأصرت على قتله انفاذا لما اتفقت عليه من قبل فأرسلوا روادهم الى كل جهة بحثا عنه وجعلوا لمن يأتى به أو يدل عليه مائة ناقة ، ولكن جهودهم ضاعت هباء ومنيت مساعيهم بالفشل
قتال قريش : وأذن الرسول في المدينة بقتال قريش فأرسل عمه حمزه في سرية تعترض عيرا لقريش قادمة من الشام وأرسل أخرى بعدها لمثل الغرض ، وفي السنة الثانية من الهجرة (٢) أرسل عبد الله ابن جحش في سرية ثالثة فأصاب العير وغنم ما فيها وخرج صلىاللهعليهوسلم بعد ذلك في ثلثمائة رجل ليعترض قافلة جديدة فعلمت بذلك قريش فخرجت في نحو ألف رجل فتقابل الفريقان على ماء ببدر وهو من المدينة على طريق ينبع فكانت غزوة بدر الكبرى وكان النصر فيها للمسلمين (٣).
وفي السنة الثالثة أرادت قريش أن تثأر لنفسها فمشت في رجالها إلى المدينة واستيقظت المدينة فكان القتال بجوار جبل أحد في ضواحي المدينة وكاد ينتصر
__________________
(٢) كانت الأوس والخزرج قبيلتين متنافرتين في يثرب وكانت اليهود تجاورهم فيها وهم أهل كتاب وقد بلغهم مما سمعوه في وصف النبي من كتب اليهود ما أقنعهم بصدقه فرأوا أن يتبعوه ويناصروه ويدعوه الى بلادهم ليجمع كلمة القبيلتين ويعتزوا به ضد اليهود.
(٢) سيعتمد التاريخ الهجري في جميع فصول الكتاب لأنه التاريخ المتناسب مع وقائع التاريخ في مكة وهو ما يستعمله المكيون الى اليوم.
(٣) ابن هشام ١ / ٤٣٦ وما بعدها.