دعوته والتفاف المسلمين في الأمصار حولها (١) إلا أننا سنرى عما قليل أن هذا النجاح بالرغم من جميع مقوماته لم يلبث طويلا حتى مني بالفشل وعادت الخلافة الى بيوت الأمويين في دمشق بتأثير عوامل خاصة سنأتي عليها في السياق.
بوادر فشل ابن الزبير : ما كاد ينجح مروان بن الحكم في اخضاع أنصار ابن الزبير في الشام كما أسلفنا في عام ٦٥ حتى جرد جيشا قويا وقاده بنفسه الى مصر لطرد عامل ابن الزبير فيها وجيشا آخر الى جهة العقبة بقيادة ابنه عبد العزيز لمساعدته وقد نجح الجيشان واستولى مروان على مصر.
وعاد مروان إلى الشام وجهز جيشا الى الحجاز وآخر الى العراق ولكنه مات قبل أن تصل إليه نتيجة احدهما ولما تولى الأمر بعده ابنه عبد الملك أبلى في تثبيت ملكه أحسن البلاء فقاتل من ثار عليه من شيعة الكوفة حتى هزمهم ثم زحف الى العراق فطرد والي ابن الزبير منها ثم بلغته أنباء بعض القلاقل التي حدثت وراءه في الشام فعاد إليها حتى قضى على كل فتنة فيها (٢) ووطد لملكه بذلك في أكثر الأمصار ولم يبق أمامه ما يمكن ان يسميه خطرا هاما إلا مشكلة مكة في شخص ابن الزبير.
انحلال الزبيريين : ولقد كان عبد الملك بن مروان حكيما أكثر مما يجب عندما رأى ابن الزبير يناجز الخوارج والشيعة العداء في العراق فتركه وما يناجز انتظارا لليوم الذي تهن فيه قوته وتضعف ، وقصة الخوارج قصة ألممنا بها يوم خرجوا على علي وجيشه منتقدين قبوله للحكم كما أن قصة الشيعة مررنا بها في وثبتهم
__________________
(١) بالرغم من ذلك وقف بعض أقطاب الإسلام موقف المحايد من حركة ابن الزبير ومن أشهرهم عبد الله ابن العباس ومحمد بن الحنفية وعبد الله بن عمر وعلي بن الحسين وقد اضطر ابن العباس لترك مكة فرحل الى الطائف ومات بها.
(٢) المسعودي مروج ص ٢٤٢ فما بعدها.