واذا علمنا ان شنبرا كان موضع ثقة محمد علي باشا وان الصلة بينه وبين رئيس الحامية بمكة كانت على اتم ما تكون من الصفاء والود بدا لنا ان كفتي الميزان لم تكن متعادلة لأن احدى الجهات كان فيها امير البلاد فقط بينما اجتمع في الجهة الثانية قوة الجيش وامارة العربان في آن واحد.
ومن الطبيعي ان يحتك النقيضان وأن تصطدم الآراء فيأبى أمير البلاد الا أن يكون صاحب القول بحكم امارته ويأبى أصحاب القوة الا أن يملوا ارادتهم فينشب النزاع وتتفاقم المشاكل.
ولعل محمد علي باشا كان معذورا عندما وزع المسؤوليات ولم يركزها في مصدر واحد ، لعله شعر أن الأمراء من الأشراف لا يقيمون أمور البلاد على النحو الذي يريده لها ولكن لا بد من وجودهم في دست الامارة لأن البلاد ألفت طاعتهم وتقديس بيوتهم فأراد أن يجمع بين المكرمتين ، تقليد الامارة لأصحابها وتزويد البلاد بقوة اخرى تتولى استقرار الأحوال وتشرف على مرافقها فجاءت ترتيباته بغير الغاية المطلوبة لأن الاختصاصات ما لبثت أن اختلطت على أصحابها وراح كل فريق يدعي أحقيته فيما يرى ويأمر.
قتل شنبر : وعانت البلاد من جراء هذا الارتباك كثيرا بضع سنوات ثم ما لبث أن تفاقم الشر في ٢٢ شعبان عام ١٢٤٢ لأن الشريف يحي بعد أن صبر طويلا على مشاركة غيره له في الحكم رأى أنه لا بد من وضع حد حاسم للأمر فعمد الى أمير العربان الشريف شنبر وهو يصلي المغرب عند باب الصفا فطعنه بسكين في خاصرته ولم يتركه حتى قضى.
وضج الناس في المسجد وعم الفزع وانتهى الخبر الى رئيس الحامية صديق المقتول فاستشاط غضبا وأمر جنده بالاستعداد للهجوم على قصر الأمير يحي