.................................................................................................
______________________________________________________
أيضاً خلاف الفرض. وكذا يخرج عن الفرض ما إذا أراد السابقون تحصيل الوحدة والإطاعة إلّا أنّ الفريق الآخر يمنعونهم من ذلك ، فإنّ الصحّة على هذا الفرض أيضاً ليست من جهة السبق ، بل لو كانوا هم اللاحقين لصحّت صلاتهم أيضاً. فظهر أنّ نظر الفقهاء ليس إلى هذه الصورة التي صحّت فيها الجمعة ، لأنّ الصحّة لم تكن من جهة السبق ، بل مراد الفقهاء من سبق إحداهما تحقّق السبق بعد الدخول في الصلاة ، وأنّه يشترط حينئذٍ عدم العلم بجمعة اخرى ، ولا يجب تحصيل العلم بعدم جمعة اخرى ، بل يكفي العلم الشرعي بالعدم وهو الاستصحاب ، فعلى هذا يتعيّن ما في الروض ويعلم يقيناً أنّه هو مراد الفقهاء ، وليس مرادهم أنّهم حين الدخول علموا سبقهم ، لأنّ الدخول حرام كما عرفت ، ولا يكفي عند الفقهاء عدم العلم بالسبق كما في المدارك كما كفى عندهم عدم العلم بجمعة اخرى ، لأنّه يلزم على ذلك أنّ حصول العلم بجمعة اخرى غير مضرّ ما لم يحصل العلم بالسبق ، ويلزمه صحّة الجمعات المتعددة الكثيرة في مكان واحد ، إذ بعد العلم بالسبق تحصل جمعة صحيحة فلا يصلّون اخرى ، فتأمّل ، مع أنّ الشروط معتبرة عندهم في أوّل الصلاة وأنّه لا تبرأ الذمّة إذا وقع الاشتباه في السبق. وأيضاً لو كان عدم العلم كافياً في الصحّة تكون الجمعتان صحيحتين قطعاً ، وإلّا فكيف يكفي عدم العلم بالسبق مع أنّهم حكموا بفساد الجمعتين من جهة عدم العلم بالسابقة واختلفوا فيما يلزمهم إعادته هل هو الظهر أو الجمعة أو الجميع (١) ، انتهى مجموع كلامه دام ظلّه في الكتابين.
وأنت إذا أعطيت التأمّل حقّه في كلامه عرفت الحال في كلام صاحب «الذخيرة والمدارك» ذاك الّذي سمعته آنفاً. وقد عرفت الحال في كلامهما حيث قالا : إنّ ظاهر إطلاق الأصحاب يقتضي عدم الفرق في بطلان اللاحقة بين علمهم بسبق الاولى وعدمه ، لانتفاء الوحدة ، واحتملا الفرق ، لاستحالة توجيه النهي إلى الغافل واستشكلا في ذلك. وأنت خبير بأنّا إذا قلنا إنّ البعد بثلاثة أميال شرط في الواقع كما يعطيه ظاهر قوله عليهالسلام : لا يكون بين جماعتين أقلّ من ثلاثة أميال
__________________
(١) مصابيح الظلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦٦ س ١٨ ، وحاشية المدارك : ص ١٢٨ س ١٣.