.................................................................................................
______________________________________________________
وفي «المدارك» بعد نقل كلام الروض قال : ولمانع أن يمنع تعلّق النهي بالسابقة مع العلم بالسبق ، أمّا مع احتمال السبق وعدمه فيتّجه ما ذكره ، لعدم جزم كلّ منهما بالنيّة ، لكون صلاته في معرض البطلان (١). ومثله ما في «الذخيرة» حيث نفى تعلّق النهي بالسابقة ، قال : لأنّ النهي إنّما وقع عن التعدّد وهو غير حاصل من السابقة (٢). ويرد عليهما أنّ الفريقين مأمورون بالوحدة وأنها شرط ، فإذا سبق أحدهما فقد خالف الأمر وترك الشرط ، كما يأتي إيضاح ذلك عن الاستاذ دام ظلّه.
وقال فيها (٣) أيضاً : نعم يمكن أن يعتبر في صحّة السابقة العلم بالسبق أو الظنّ عند تعذّر العلم ، بأن يعلم أو يظنّ انتفاء جمعة اخرى مقارنة لها أو سابقة عليها ، إذ مع احتمال السبق وعدمه لا يحصل العلم بامتثال التكليف. لا يقال : هذا مبنيّ على أنّ النهي عن الشيء هل يقتضي الاجتناب عمّا يشكّ في كونه فرداً له أم لا؟ وعلى الأوّل صحّ اعتبار العلم والظنّ المذكور ، لأنّ النهي إنّما وقع عن الصلاة اللاحقة والمقارنة ، فيجب التحرّز عمّا جاز فيه أحد الأمرين ، وعلى الثاني يكفي في صحّة الصلاة عدم العلم بكونها لاحقة أو مقارنة مع أنّ الراجح الأخير ، لأنّا نقول : المستند في اعتبار العلم أو الظنّ حصول الأمر بجمعة لا تكون مقارنة ولا لاحقة ، وامتثال هذا التكليف يستدعي العلم أو الظنّ بانتفاء الوصفين ، وليس المستند مجرّد النهي عن الجمعة المقارنة واللاحقة حتّى ينسحب فيه التفصيل. والظاهر أنّ المستفاد من الأخبار الدالّة على وجوب وحدة الجمعة أنّه متى تحقّق جمعتان يجب أن يكون بينهما المسافة المذكورة ، فالتكليف بوجوب اعتبار المسافة بين الجمعتين أو اعتبار السبق إنّما يتحقّق إذا حصل العلم بوجود جمعة اخرى كما هو شأن الأمر المعلّق بالشرط ، فالمأمور به صلاة جمعة يراعي فيها هذه الشرطيّة ، وعلى هذا لا يلزم في امتثال التكليف العلم أو الظنّ بانتفاء جمعة اخرى سابقة أو مقارنة. نعم يعتبر العلم أو الظنّ بعدم السبق أو المقارنة أو حصول المسافة عند
__________________
(١) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٤٦.
(٢ و ٣) ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٣١٢ س ٣٩.