.................................................................................................
______________________________________________________
فإنّه قال : الأوّل أن تسبق إحداهما وتعلم السابقة فهي الصحيحة إن كان الإمام راتباً فيها إجماعاً ، وإن كان في الثانية فكذلك عندنا ، ثمّ ذكر خلاف الشافعي (١) المتقدّم آنفاً.
والحاصل : أنّ الحكم بصحّة السابقة صرّح به الشيخ في «المبسوط (٢)» وأبو الحسن علي بن أبي الفضل الحلبي في «إشارة السبق (٣)» وابنا سعيد (٤) ومن تأخّر (٥) عنهم مطلقين من غير نقل خلاف ولا إشارة إليه حتّى انتهت النوبة إلى الشهيد الثاني ، فاعتبر في «الروض (٦) والمقاصد العلية» في صحّة السابقة عدم علم كلّ من الفريقين بصلاة الاخرى وإلّا لم تصحّ صلاة كلّ منهما للنهي عن الانفراد بالصلاة عن الاخرى المقتضي للفساد (٧) ، فأخذ المتأخّرون عنه ينسبون ذلك إليه ، فمنهم من يناقشه ومنهم من يوافقه ويقول : إنّه مراد الفقهاء جزماً ، كما ستعرف.
وقد سبقه إلى هذا الّذي اعتبره المحقّق الثاني في «جامع المقاصد» وتلميذه في «الغرية» فجعلاه سؤالاً ، قالا بعبارة واحدة : فإن قيل : كيف يحكم بصحّة صلاة السابق مع أنّ كلّ واحد من الفريقين منهيّ عن الانفراد بالصلاة عن الفريق الآخر والنهي يدلّ على الفساد. قلنا : لا إشكال مع جهل كلّ منهما بالآخر ، أمّا مع العلم فيمكن أن يقال : النهي عن أمر خارج عن الصلاة لا عن نفسها ولا عن جزئها ، والوحدة وإن كانت شرطاً إلّا أنّه مع تحقّق السبق يتحقّق الشرط. ويشكل بأنّ المقارنة مبطلة قطعاً ، فإذا شرع في الصلاة معرّضاً لها للإبطال كانت باطلة إمّا للنهي
__________________
(١) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٥٧.
(٢) المبسوط : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٤٩.
(٣) إشارة السبق : في صلاة الجمعة ص ٩٨.
(٤) الجامع للشرائع : في صلاة الجمعة ص ٩٤ ، وشرائع الإسلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٩٦.
(٥) كما في الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : ص ٨٧ ، وكشف الالتباس : ص ١٣٧ س ١٠ ، وجامع المقاصد : ج ٢ ص ٤١٢ ، ومدارك الأحكام : ج ٤ ص ٤٥.
(٦) روض الجنان : في صلاة الجمعة ص ٢٩٤ س ١٨.
(٧) المقاصد العلية : في صلاة الجمعة ص ٣٦٢.