بأسرها من غير دليل وقيل عطف بيان ، وردّ بمجيئه نكرة واسم الإشارة معرفة كقوله [من البسيط] :
٧٦٥ ـ وحبّذا نفحات من يمانية |
|
تأتيك من جبل الرّيّان أحيانا (١) |
وقيل : بدل من ذا ، وردّ بأنّه على نيّة تكرار العامل ، وهو لا يلي حبّ ، وأجيب بعدم اللزوم بدليل أنّك أنت.
«ولك أن تأتي قبله» أي المخصوص «أو بعده بتمييز أو حال على وفقه» أي المخصوص في الإفراد والتذكير وفروعهما لاتّحادهما فيما صدقا عليه ، ولكونه عبارة عن المخصوص ، فلا جرم يوافقه ، وذكر أمثلة حبّذا جملة ، فقال : «حبّذا الزيدان» مثال لحبّذا إذا كان بعده المخصوص دون تمييز أو حال ، ونحو «حبّذا زيد راكبا» مثال لما كان بعده حال على وفقه في التذكير والإفراد ، ومثله حبّذا الزيدان راكبين ، والزيدون راكبين.
وكذا تأتي بالحال قبل المخصوص ، فتقول : حبّذا راكبا زيدا وراكبين الزيدان أو راكبين الزيدون ، وذو الحال هو ذا ، لا المخصوص ، لأنّ المخصوص لا يجيء إلا بعد تمام المدح أو الذّمّ لفظا أو تقديرا ، فالركوب في نحو الأمثلة المذكورة من تمام المدح ، ونحو «حبّذا امرأة هند» مثال لما كان قبله تمييز على وفقه في التأنيث والإفراد. ومثله حبّذا امرأتين الهندان وحبّذا نساء الهندات ، وكذا إذا كان بعده ، تقول : حبّذا هند امرأة والهندان امرأتين ، والهندات نساء. وإنّما جاز هنا تأخير التمييز عن المخصوص في السعة دون نعم وبئس كما مرّ ، لأنّ التمييز هنا عن الظاهر ، وهو ذا وهناك عن الضمير المستكن ، ففضل الظاهر على المضمر كما فضل عليه بجواز ترك التمييز هنا ، نحو : حبّذا زيد ، وجب الأتيان به اختيارا في نعم.
والعامل في الحال والتمييز حبّ اتّفاقا ، وإن كانت غير متصرّفة لأنّ الحال والتمييز تكفى هما رائحة الفعل. وهل تعمل في غيرهما؟ قال أبو حيّان : لا ينبغي أن يقدّم عليه إلا بسماع ، وقال غيره : تعمل في ما عدا المصدر كالظرف والمفعول له ومعه ، نحو : حبّذا زيد إكراما له ، وحبّذا وعمرا زيد بخلاف المصدر ، إذ هي غير متصرّفة ، فلا مصدر لها.
تنبيهات : الأوّل : ما ذكره المصنّف (ره) من أنّ المنصوب بعد المخصوص أو قبله يكون تمييزا أو حالا ، وهو الحقّ ، وقال الأخفش والفارسيّ والربعيّ : هو حال مطلقا ،
__________________
(١) هو لجرير. اللغة : النفحات : جمع النفحة : الطيب الّذي ترتاح له النفس ، الريان : اسم جيل ببلاد بني عامر.