«وصيغة فعله» المسند إليه «فعل» بضمّ أوّله وكسر ما قبل آخره ، إن كان ماضيا ، أو «يفعل» بضمّ أوّله وفتح ما قبل آخره ، إن كان مضارعا ، والمراد بهما التمثيل ، أي فعل أو يفعل ونحوهما ، ليعمّ نحو : افتعل واستفعل ويفتعل ويستفعل وغيرهما من الأفعال المجهولة المزيد فيها.
واقتصر على الثلاثيّ لكونه أصلا ، وما قيل من أنّ المراد بهما الماضي المجهول أو المضارع المجهول فهو تاويل لعلم الوزن بصفته المشتهرة ، كما في «لكل فرعون موسى» ، أي لكلّ ظالم عادل ، ففيه أنّ الصفة المشتهرة بها فعل أو يفعل ، فهو الماضي المجهول أو المضارع المجهول من الثلاثي المجرّد ، لا الماضي المجهول والمضارع المجهول مطلقا كذا قيل.
حكم بناء الماضي للمفعول إذا اعتلّت عينه وهو ثلاثيّ : تنبيهات : الأوّل : إذا اعتلّت عين الماضي ، وهو ثلاثي كقام وباع ، ففيه لغات ثلاث ، الأولى الكسر مخلصا ، كقيل وبيع ، وهي اللغة العليا ، الثانية : الكسر مشمّا ضمّا تنبيها على أنّ الضمّ هو الأصل ، ومعنى الإشمام هنا الإشارة إلى الضّمّ مع التلفظ بالكسر ، وهي اللغة الوسطي. الثالثة : الضمّ مخلصا نحو : قول وبوع ، وهي أضعفها وتجرى اللغات الثلاث في نحو : اختار وانقاد ، ممّا أعلّ عينه.
وأوجب الجمهور ضمّ فاء الثلاثي المضعّف ، نحو : شدّ ومدّ قال ابن هشام : والحقّ قول بعض الكوفيّين أنّ الكسر جائز ، وهي لغة بني ضبّة وبعض تميم ، وقرأ علقمه (١)(رُدَّتْ إِلَيْنا) [يوسف / ٦٥] ، (وَلَوْ رَدُّوهُ) [النساء / ٨٣] ، بالكسر ، وجوّز ابن مالك الإشمام أيضا ، وقال المهاباذيّ (٢) : من أشمّ في قيل وبيع أشمّ هنا ، انتهى.
قال في التصريح : وعلى الكسر يلغز ، ويقال : ما وجه رفع الماء في قولهم : إنّ الماء بكسر الهمزة ورفع الماء؟ وجوابه أنّ أصله «أنّ الماء في الحوض» إذا صبّه ، فحذف الفاعل ، وأنيب عنه المفعول ، وكسرت الهمزة على حدّ : (رُدَّتْ إِلَيْنا) بكسر الراء ، انتهى.
الثاني : لا يخلو العامل في هذا الباب من أن يكون فعلا أو اسم مفعول أو مصدرا ، فالفعل نحو : ضرب أو يضرب عمرو ، واسم مفعول نحو : زيد مضروب غلاماه ، والمصدر نحو : عجبت من أكل الطعام ، بتنوين أكل ورفع الطعام ، ويكون في موضع
__________________
(١) علقمة بن قيس ، تابعي ، كان فقيه العراق ، ولد في حياة النبي (ص) ، وروى الحديث عن الصحابة ، ورواه عنه كثيرون ، مات سنة ٦٢ ه. الأعلام للزركلي ، ٥ / ٤٨.
(٢) أحمد بن عبد الله المهاباذي الضرير من تلاميذ عبد القاهر الجرجاني ، له شرح كتاب اللمع ، بغية الوعاة ١ / ٣.