منه : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ) [يونس / ٩٨] ، والجمهور لم يثتبوا ذلك ، والظاهر أنّها في الأولى للعرض ، وفي الثانية للتحضيض كما تقدّم ، وفي الثالثة للتوبيخ على ترك الإيمان قبل مجيء العذاب ، أي فهلّا كانت قرية واحدة من القرى المهلكة ثابت عن الكفر قبل مجئيء العذاب فنفعها ذلك ، وهو تفسير الأخفش والكسائى والفرّاء وعلى بن عيسى والنحاس ، ويؤيدّه قراءة أبّي فهلا ، ويلزم من هذا المعنى النفي ، لأنّ التوبيخ يقتضي عدم الوقوع.
تنبيه : ليس من أقسام لو لا الواقعة في نحو قوله [من الطويل] :
١٠٣٢ ـ ألا زعمت أسماء أن لا أحبّها |
|
فقلت بلى لو لا ينازعنى شغلي (١) |
لأنّ هذه كلمتان بمترلة قولك : لو لم ، والجواب محذوف ، أي لم ينازعني شغلي لزرتك ، وقيل : بل هي لو لا الامتناعيّة ، والفعل بعدها على إضمار أن المصدريّة على حدّ قولهم : وتسمع بالمعيدي خير من أن تراه ، قاله في المغني.
لمّا
ص : لمّا : ترد لربط مضمون جملة بوجود مضمون أخرى ، نحو : لمّا قمت قمت ، وهل هي ظرف أو حرف؟ خلاف ، وحرف استثناء ، نحو : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ ،) وجارمة للمضارع كـ «لم» ويفترقان في خمسة أمور.
ش : الثانية والعشرون «لمّا ، ترد» على ثلاثة أوجه :
أحدها : أن تكون «لربط مضمون جملة بوجود مضمون أخرى» ، فتقتضي جملتين «نحو» قولك : «لمّا قمت قمت» ، فأفادت لمّا ربط قيام المتكلّم الّذي هو مضمون الجملة الثانية بقيام المخاطب الّذي هو مضمون الجملة الأولى ، يقال فيها : حرف وجود لوجود ، ووجوب لوجوب ، والمعنى قريب ، والمقصود أنّها تدلّ على تحقّق شيء لتحقّق غيره ، فهو واجب ، أى ثابت ، أو واقع ، أي موجود.
«وهل هي ظرف» بمعنى حين ، وعبارة ابن مالك بمعنى إذ ، قال ابن هشام : وهو حسن ، لأنّها مختصّة بالماضي وبالإضافة إلى الجملة ، «أو حرف» يرد لربط ما مرّ ، «خلاف». والقول بالظرفيّة مذهب ابن السّراج والفارسىّ وابن جنيّ وجماعة ، وردّ عليهم ابن خروف بجواز : لمّا أكرمتني أمس أكرمتك اليوم ، لأنّها إذا قدّرت ظرفا كان عاملها الجواب ، والواقع في اليوم ، لا يكون في أمس ، وأجيب بأنّ هذا مثل : (أَنْ
__________________
(١) هو لأبي ذويب الهذلي. اللغة : ينازعنى : يمنعنى.