اختصاصها بالأسماء ، فلا يقال : ليتما قام زيد ، خلافا لابن أبي الربيع. (١) وذهب الفرّاء إلى وجوب الأعمال ، وروى قول النابغة [من البسط] :
١٥٧ ـ قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا |
|
إلى حمامتنا أو نصفه فقد (٢) |
بالوجهين ، فالرفع على أنّ ما كافّة ، وذا مبتدأ ، والحمام بيان ، ولنا الخبر ، والنصب على أنّ ما زائدة ، وذا اسم ليت ، والحمام بيان ، ولنا الخبر قال ابن هشام : ويحتمل أنّ الرفع على أنّ ما موصولة ، وأنّ الاشارة خبر لهو محذوفا ، أي ليت الّذي هو هذا الحمام لنا ، ولكنّه احتمال مرجوح ، لأنّ حذف العائد المرفوع بالابتداء في صلة غير أي مع عدم طول الصلة قليل ، انتهى.
وعدم طول الصلة في ذلك ممنوع ، بل هي طويلة بالصفة ، وقد صرّح هو بمثل ذلك في المغني ، وذهب ابن السرّاج والزّجاج والزمخشريّ ، وتبعهم ابن مالك ، إلى جواز إعمال الجميع قياسا على ليتما ، ومنعه سيبويه في غيرهما للسماع المشهور فيها دون ما عداها
وخرج بقولنا : «الزائدة» ما المصدرية والموصولة فلا تكفّان عن العمل ، نحو : أعجبني أن ما قمت ، أي قيامك ، ونحو : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ) [المومنون / ٥٥] ، (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) [الأنفال / ٤١] ، أي أنّ الّذي ، بدليل عود الضمير من به وخمسه إليها ، إذ لا يعود الضمير إلا على الأسماء ، وكان عليه التقييد بها كما فعلنا ، وكأنّه اعتمد على المثال ، فإنّه لا يصحّ أن يكون ما فيه إلا زائدة ، فتدبّر.
بحث في سبب إفادة إنّما للحصر بين الأصوليّين والنّحويّين : تنبيه : ها هنا بحث لا بأس بالتعرّض له ، وهو أنّ جماعة من الأصوليّين منهم الفخر الرازيّ في المحصول (٣) ذكروا أنّ ما الكافة الّتي مع أن نافية ، وأنّ ذلك سبب إفادتهما للحصر في نحو : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) [النساء / ١٧١] ، قالوا : لأنّ إنّ للاثبات ، وما للنفي ، فلا يجوز أن يتوجّها معا إلى شيء واحد ، لأنّه تناقض ، ولا أن يوجّه النفي للمذكور بعدها ، لأنّه خلاف الواقع باتّفاق ، فتعيّن صرفه لغير المذكور ، وصرف الاثبات للمذكور ، فجاء الحصر.
__________________
(١) عبد الله بن أحمد أبو الحسين ابن أبي الربيع إمام أهل النحو في زمانه ، صنّف شرح الإيضاح ، شرح سيبويه و... مات سنة ٦٨٨ ه. بغية الوعاة ٢ / ١٢٦.
(٢) قاله النابغة الذبياني ، اللغة : قد : هاهنا اسم فعل معناه يكفي ، أو هو اسم بمعنى كاف.
(٣) المحصول في أصول الفقه ، مبسوط لفخر الدين محمد بن عمر الرازي. كشف الظنون ٢ / ١٦١٥.