وقال بعض المحقّقين من شرّاح الكافية : هل يجب أن يكون ذو الحال من المفاعيل مفعولا به ، حتى يحوج إلى جعل ضربت الضرب شديدا في تأويل أحدثت الضرب شديدا ، وجئت وزيدا راكبين في معنى جاء زيد راكبا ، أو يعمّ كلّ مفعول كما هو مقتضي إطلاقه في عبارة جار الله (١) وصاحب اللباب (٢) ، إلى كلّ ذهبت طائفة ، والأعمّ هو الأتمّ ، انتهى.
وقد يناقش في شمول التعبير بالمفعول من غير قيد لكلّ من المفاعيل بما أسلفناه في بحث المفعول به ، وذهب سيبويه إلى أنّ الهيئة قد تكون للمبتدإ أيضا ، وصحّحه ابن مالك ، ومنعه الجمهور ، وهو الأصحّ.
ممّا يشكل قولهم : جاء زيد والشمس طالعة : الثاني : قال ابن هشام في المغني ممّا يشكل قولهم في نحو : جاء زيد والشمس طالعة ، أنّ الجملة الاسميّة حال مع أنّها لا تنحل إلى مفرد ، ولا تبيّن هيئة فاعل ولا مفعول ، ولا هي مؤكّدة ، فقال ابن جنيّ : تأويلها : جاء زيد طالعة الشمس عند مجيئه ، يعني فهي كالحال والنعت السببين ، نحو : مررت بالدار قائما سكانّها وبرجل قائم غلمانه ، وقال ابن عمرون : هي مؤوّلة بقولك : مبكّرا أو نحوه ، وقال صدر الأفاضل : الجملة مفعول معه ، وأثبت وقوع المفعول معه جملة ، انتهى (٣).
و «يشترط تنكيرها» أي الحال ، لئلّا تلبس بالصفة في النصب أو عند عدم ظهور إعرابها ، وطردا للباب في غير ذلك ، ولأنّ النكرة أصل ، والمقصود يحصل بها ، والتعريف زائد على المقصود ، وما ورد منها بلفظ المعرفة أوّل بنكرة ، نحو : اجتهد وحدك ، أي منفردا. وادخلوا الأوّل فالأوّل أي مرتّبين ، و [قول الشاعر من الوافر] :
٢٥٥ ـ فأرسلها العراك ... |
|
... (٤) |
أي معتركة ، جاؤوا الجماء الغفير ، أي جميعا.
هذا مذهب الجمهور ، وأجاز يونس والبغداديّون تعريفها قياسا على الخبر على ما سمع منها معرفة ، وأجازه الكوفيّون ، إن كان فيها معنى الشرط ، نحو : عبد الله المحسن أفضل منه المسئ ، فالمحسن والمسئ حالان ، إذ التقدير : عبد الله إذا أحسن أفضل منه إذا
__________________
(١) جار الله هو أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري.
(٢) اللباب إما اللباب في علل البناء والإعراب في النحو لأبي البقاء ، وأمّا اللباب في النحو للعلامة الفاضل الإسفرايني المتوفى سنة ٦٨٤. كشف الظنون ٢ / ١٥٤٣.
(٣) مغني اللبيت ص ٦٠٦. يمكن القول : في هذه الجملة ومثلها إنّ الحال تنحل إلى مفرد ، مثلا هنا يمكن القول : جاء زيد متأخّرا ، إذا كان قصدنا أنّه جاء في حالة التأخير ، ومثل ذلك على حسب المعنى المراد.
(٤) تقدّم ذكره في الصفحة ٩٧.