فمنها أن يتبع مجرور ، أي بمفصّل ، نحو : بأيّ الرجلين زيد وعمرو مررت ، فلو جعلت زيدا ، وما عطف عليه بدلا من الرجلين ، والبدل في نيّة تكرار العامل ، لزم إضافة أيّ إلى المعرفة المفردة ، وهي لا تضاف إليها إلا إذا كان بينهما جمع مقدّر ، نحو : أيّ زيد أحسن ، بمعنى أي أجزائه أحسن ، أو عطف على أيّ مثلها ونحو [من الكامل] :
٦٠١ ـ ... |
|
أيّي وأيّك فارس الأحزاب (١) |
ومنها أن يتبع مجرور كلا بمفصّل ، نحو : كلا أخويك زيد وعمرو عندي ، فلو جعل زيد وما عطف عليه بدلا من أخويك ، لزم إضافة كلا إلى مفرد ، وهي أنّما تضاف إلى مثنى غير مفرد ، وشذّ قوله [من البسيط] :
٦٠٢ ـ كلا أخي وخليلي واجدي عضدا |
|
في النّائبات وإلمام الملّمات (٢) |
ومنها أن يتبع المنادى باللقب مرفوعا أو منصوبا نحو : يا سعيد كرز (٣) بالفرع أو كرزا بالنصب ، فلو جعل كرز أو كرزا بدلا لزم ضمّة بخلاف يا سعيد كرز بالضمّ ، فإنّه يمتنع أن يكون عطف بيان ، ويجب إعرابه بدلا.
الثاني : امتناع البدليّة في جميع هذه المسائل مبنيّ على أنّ البدل لا بدّ أن يكون في نيّة تكرار العامل ، وفيه نظر ، لأنّهم يغتفرون في الثواني ما لا يغتفرون في الأوائل ، وقد جوّزوا في أنّك أنت ، كون أنت تاكيدا ، وكونه بدلا ، مع أنّه لا يجوز إن أنت ، قاله ابن هشام في حواشي التسهيل ، وسبقه إلى ذلك ابن القواس في شرح الدرّة.
قال ابن النحاس في التعليقه : إنّما اغتفر في الثواني ما لم يغتفر في الأوائل من قبل أنّه إذا كان ثانيا يكون ما قبله قد ، وفي الموضع ما يقتضيه مجازا لتوسّع في ثاني الأمر بخلاف ما لو أتينا بالتوسّع من أوّل الأمر ، فإنّا حينئذ لا نعطي الموضع شيئا ممّا يستحقّه ، انتهى. وهذه قاعدة يبتني عليها كثير من المسائل ، فاحفظها.
ما افترق فيه عطف البيان والبدل : الثالث : إنّما قال المصنّف (ره) : ويفترق عن البدل في نحو : هند قام أخوها إلخ إشارة إلى أنّ عطف البيان يفترق عن البدل في غير ما ذكره من الصور.
__________________
(١) صدره «فلئن لقيتك خاليين لتعلمن» ، ولم يسمّ قائله. اللغة : خاليين : منفردين وهو حال من الفاعل والمفعول.
(٢) لم يعين قائله. اللغة : عضدا : معينا وناصرا ، النائبات : جمع نائبة ، وهي ما ينتاب الإنسان ويعرض له من نوازل الدهر ، إلمام : نزول ، الملمات : جمع ملمة ، وهي ما يترل بالمرء من المحن والمصائب.
(٣) كرز : لقب : قال سيبويه : إذا لقبت مفردا بمفرد أضفته إلى اللقب ، وذلك قولك : هذا سعيد كرز ، جعلت كرزا معرفة لأنّك أردت المعرفة الّتي أردتها إذا قلت : هذا سعيد ، فلو نكّرت كرزا صار سعيد نكرة لأنّ المضاف أنّما يكون نكرة ومعرفة بالمضاف إليه. لسان العرب ٤ / ٣٤١٥.