ووجه الاستدلال بهذا أنّ لا زائدة بعد الواو لتوكيد النفي ، فيتعيّن حينئذ أن تكون ما نافية لا مصدريّة ، كما توهّم ابن مالك ، ويكون هذا من كلام الراويّ ، ومقوله (ص) : هو أحبّ الناس إلى. قال الدمامينيّ : وهذا ليس بقاطع ، إذ يحتمل أن تكون لا نافية ، وغيرهما منصوبا بمحذوف لا معطوفا على فاطمة. والمعنى لا استثني غيرها ، فيكون من كلامه (ع) ، ولا تعارض حينئذ بين رواية الطبرانيّ وتلك الرواية المتقدّمة.
الثاني : قال أبو حيّان وغيره : الأفعال الّتي يستثني بها لا تقع في المنقطع.
حكم المستثنى بغير : «و» المستثنى «بغير» ، وهي اسم ملازم للإضافة في المعنى ، ويجوز أن تقطع عنها لفظا ، إن فهم معناها ، وتقدّمت عليها كلمة ليس أو لا خلافا لابن هشام في منع وقوعها بعد لا وقد تقدّم الرّدّ عليه ، فليراجع.
يقال : قبضت عشرة ليس غيرها ، برفع غير على حذف الخبر أي مقبوضا ، وبنصبها على إضمار الاسم أيضا أي ليس المقبوض غيرها. وليس غير بالفتح من غير تنوين على إضمار الاسم أيضا ، وحذف المضاف إليه لفظا ونيّة ثبوته وليس غير بالضمّ من غير تنوين (١).
وقال المبرّد والمتأخّرون : إنّها ضمّة بناء لا إعراب ، وإنّ غير اشبهت بالغايات كقبل وبعد ، فعلى هذا يحتمل أن يكون اسما وأن يكون خبرا.
وقال الأخفش ، ضمّة إعراب لا بناء ، لأنّه ليس باسم زمان كقبل وبعد ، ولا مكان كفوق وتحت ، وعلى هذا فهو الاسم وحذف الخبر. وقال ابن خروف : يحتمل الوجهين ، وليس غيرا بالفتح والتنوين ، وليس غير بالضمّ والتنوين ، وعليهما فالحركة إعرابية ، لأنّ التنوين إمّا للتمكين ولا تلحق إلا المعربات ، وإمّا للتعويض ، فكأنّ المضاف إليه مذكور ، قاله ابن هشام في المغني.
والأصل في غير المضافة لفظا أن توصف بها النكرة نحو : (نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) [فاطر / ٣٧] ، أو معرفة كالنكرة نحو : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) [الحمد / ٦] ، فإنّ موصوفها وهو الّذين جنس لا قوم بأعيانهم ، وقد تخرج إلا عن الصفة وتضمّن معنى إلا ، فيستثني بها حملا عليها ، كما تخرج إلا عن الاستثناء ، وتضمّن معنى غير ، فيوصف بها وبتاليها جمع منكر ، نحو : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [الأنبياء / ٢٢] ، أي غير الله ، أو معرف بأل الجنسية ، كقوله [من الطويل] :
__________________
(١) سقطت «وليس غير بالضمّ من غير تنوين» في «ح».