قال أبو حيّان : إنّه الّذي صحّحه أصحابنا ، أو لكونه فرع الضمير ، لأنّ تعريفه لوقوعه موقع كاف الخطاب ، واستظهره بعضهم ، والمفهوم من ظاهر قول سيبويه أنّ تعريفه بالإشارة والمواجهة.
قال ابن مالك : وإذا كانت الإشارة دون مواجهة معرفة لإسم الاشارة فلأن تكون معرفة ، ومعها المواجهة أولي وأحري ، قال : وهو أظهر وأبعد من التكلّف ، فجعله قسما سابعا برأسه أولى.
ترتيب المعارف : تنبيهات : الأوّل : كتب المصنّف في الهامش إنّما أخّر ذكره ، يعني المعرّف بالنداء عن المضاف إلى أحدها لئلّا يرد عليه ما ورد على ابن الحاجب ، انتهى.
يريد أنّ ابن الحاجب أخّر ذكر المضاف إلى أحدها عن جميع المعارف فأوردوا عليه ، أنّه يلزم من ذلك صحّة الإضافة إلى المنادى أيضا ، والمنادى لا يضاف إليه أصلا ، فأخّر المصنّف ذكره ، فسلم من ذلك.
ورام صاحب الفوائد الضيائية (١) التّقصّيّ عن ذلك فقال : لا يستلزم صحّة الإضافة إلى أحدها صحّتها بالنسبة إلى كلّ واحد ، فلا يرد ما أوردوه ، انتهى. قال عصام الدين : لا يخفي أنّه تكلّف جدّا ، والمتبادر صحّة الإضافة إلى كلّ من الخمسة.
الثاني : هذا الترتيب الّذي استعمله المصنّف في المعارف لم أرض ذكره ، والّذي عليه الجمهور أنّ الأعرف المضمر ، ثمّ العلم ، ثمّ اسم الإشارة ، ثمّ الموصول ، والمعرّف باللام أو النداء ، والمضاف في رتبة المضاف إليه ، إلا المضاف إلى المضمر فهو في رتبة العلم.
ومذهب الكوفيّين أنّ الأعرف العلم ، ثمّ المضمر ، ثمّ المبهم ، ثمّ ذو الأداة. وعند ابن كيسان أنّ الأعرف المضمر ، ثمّ العلم ، ثمّ اسم الاشارة وذو اللام ، ثمّ الموصول. وعند ابن السّراج (٢) أنّ أعرفها اسم الإشارة ، ثمّ المضمر ، ثمّ العلم ، ثمّ ذو اللام.
قال ابن مالك أعرفها ضمير المتكلّم ، ثمّ ضمير المخاطب ، ثمّ العلم ، ثمّ ضمير الغائب السالم عن إبهام ، ثمّ المشار به والمنادى ، ثمّ الموصول وذو الأداة ، والمضاف بحسب ما يضاف إليه (٣).
__________________
(١) صاحب الفوائد الضيائية هو نور الدين عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي المتوفّي سنه ٨٩٨ ه ، وهذا الكتاب في شرح «الكافية في النحو» لابن الحاجب. كشف الظنون ، ٢ / ١٣٧٢.
(٢) محمد بن السري البغدادي أبو بكر ابن السراج ، له من الكتب : الأصول الكبير ، شرح سيبويه. الشعر والشعراء ، الجمل ، مات سنة ٣١٦ ه. بغية الوعاة ، ١ / ١٠٩.
(٣) يذهب أكثر النّحويّين إلى أنّ المضمر بعد اسم الجلالة أعرف المعارف ، وجاء في حاشية الصبان : ضمير المتكلّم والمخاطب أعرف المعارف ، فلا حاجة لهما إلى التوضيح ، وحمل عليهما ضمير الغائب. حاشية الصبان علي شرح الأشموني ، محمد بن علي بن الصبان ، قم ، منشورات زاهدي ، ١٤١٢ ه ، ص ١٠٠.
ويعتقد سيبويه أيضا أنّ أعرف المعارف المضمر. ومن بين الآراء الّتي جاء بها الشارح يبدو أنّ رأي ابن مالك أفضل الآراء وأدقّها عقلا ومنطقا ، لأنّ معرفة الإنسان بنفسه أكمل وأكثر من معرفته بالآخرين.