التفضيل ، فلا يقال : نعم أفضل منك زيد ، لأنّه خلف عن فاعل مقرون بأل ، فاشترط صلاحيّته لها ، وقد يحذف عند فهم المعنى كقوله (ع) : من توضّأ يوم الجمعة فيها ونعمت ، أي فبالسنة أخذ ، ونعمت السنة سنة ، فأضمر الفاعل على شريطة التفسير ، وحذف المميّز للعلم به ، ونصّ سيبويه على لزوم ذكره ، وممّن أجاز حذفه ابن عصفور وابن مالك.
اختلاف النحاة في الجمع بين التمييز والفاعل الظاهر في كلام واحد : تنبيهان : الأوّل : اختلفوا في الجمع بين التمييز وبين الفاعل الظاهر على أقوال : أحدها : المنع مطلقا ، إذ لا إبهام يرفعه التمييز ، وعليه سيبويه والسيرافيّ وجماعة. والثاني : الجواز مطلقا وعليه المبرّد وابن السراج والفارسيّ ، وهو مختار ابن مالك ، قال : ولا يمنع منه زوال الإبهام ، لأنّ التمييز قد يؤتي به للتأكيد ، وممّا ورد منه قوله [من البسيط] :
٧٥٣ ـ والتغلبيّون بئس الفحل فحلهم |
|
فحلا ... (١) |
وقوله [من البسيط] :
٧٥٤ ـ نعم الفتاه هند لو بذلت |
|
... (٢) |
والثالث : وعليه ابن عصفور ، فإن أفاد التمييز ما لم يفده الفاعل جاز الجمع بينهما كقوله [من الوافر] :
٧٥٥ ـ ... |
|
فنعم المرء من رجل تهامي (٣) |
فالتمييز هنا أفاد معنى لم يفده الفاعل ، وهو كونه تهاميّا ، وان لم يفد امتنع الجمع.
الثاني : ما حكاه المصنّف من أنّ الفاعل في نحو : نعم رجلا زيد ضمير ، وأنّ المنصوب تمييز ، هو مذهب سيبويه والجمهور ، وذهب الكسائيّ والفرّاء إلى أنّه لا ضمير في الفعل ، بل المرفوع بعد المنصوب هو الفاعل واختلفا في المنصوب ، فقال الكسائيّ : هو حال ، وقال الفرّاء : محوّل عن الفاعل ، والأصل : نعم الرجل زيد ، ويقبح عنده تأخّره عن زيد ، وأجازه الكسائيّ تأخيره عنه. والصحيح رأي الجمهور بدليل قولهم : نعم رجلا كان زيد ، فادخلوا عليه الناسخ.
وحقّ الفاعل أن يذكر بعد الفعل ، ثمّ يذكر المخصوص ، وهو المقصود بالمدح والذمّ بعد الفاعل مطابقا للفاعل في الإفراد والتذكير وفروعها لكونه عبارة عن الفاعل
__________________
(١) تمامه «وأمّهم زلّاء منطبق» ، وهو لجرير بن عطية. اللغة : زلّاء : المرأة إذا كانت قليلة الحم الإليتين ، منطبق : المراد به هنا الّتي تتأزر بما يعظم عجيزتها.
(٢) تمامه «ردّ التحيّة نطقا أو بإيماء» ، وهو مجهول القائل. اللغة : الايماء : الاشارة.
(٣) صدره «تخيّره فلم يعدل سواه» ، وهو لأبي بكر بن الأسود المعروف بابن شعب الليثي.