بعدها ، لأنّ ما كان ليفعل ردّ على من قال : سيفعل ، فاللام في مقابلة السين ، فكما لا يجمع بين أن الناصبة والسين ، لا يجمع بين أن واللام في اللفظ مراعاة للمطابقة بينهما لفظا ، وأجاز بعض الكوفيّين إظهارها تاكيدا ، كما جاز ذلك في كي ، نحو : ما كان زيد لأن يقوم. قال أبو حيّان : يحتاج إلى سماع من العرب.
تنبيهات : الأوّل : ما ذكر من ضابط هذه اللام من خصوصية الفعل وحرف النفي واتّحاد المسند إليه هو المشهور ، قال ابن هشام في المنفي : وزعم كثير من الناس في قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ)(١) [إبراهيم / ٤٦] ، في قراءة غير الكسائيّ بكسر اللام الأولى وفتح الثانية ، إنّها لام الجحود ، وفيه نظر ، لأنّ النافي على هذا غير ما ولم ولاختلاف فاعلي كان وتزول ، والّذي يظهر لي أنّها لام كي ، وأنّ إن شرطيّة ، أي وعند الله جزاء مكرهم ، وهو مكر أعظم منه ، وإن كان مكرهم لشدتّه معدّا لأجل زوال الأمور العظائم المشبهة في عظمها بالجبال ، كما تقول : أنا أشجع من فلان وإن كان معدّا للنوازل ، انتهى.
وذهب بعضهم إلى أنّها تكون في أخوات كان قياسا عليها ، نحو : ما أصبح زيد ليضرب عمرا ، ولم يصبح زيد ليضرب عمرا. وزعم بعضهم أنّها تكون في ظننت وأخواتها ، نحو : ما ظننت زيدا ليضرب عمرا ، ولم أظنّ زيدا ليضرب عمرا. قال أبو حيّان :
وهذا كلّه تركيب لم يسمع ، فوجب منعه. ووسّع بعضهم الدائرة ، فذهب إلى أنّها تدخل في كلّ فعل تقدّمه فعل منفي ، نحو : ما جاء زيد ليفعل ، والصواب أنّ هذه لام كي.
الثاني : اختلف في الفعل الواقع بعد لام الجحود ، فذهب الكوفيّون إلى أنّه في موضع نصب على أنّه خبر كان ، واللام زائدة للتأكيد ، وذهب البصريّون إلى أنّ خبر كان محذوف ، وأنّ هذه اللام متعلّقة بذلك الخبر المخذوف ، وأنّ الفعل ليس بخبر ، بل المصدر المنسبك من أنّ المضمرة والفعل المنصوب بها في موضع جرّ ، والتقدير ما كان مريدا لكذا ، والدليل على هذا التقدير أنّه قد جاء مصرّحا به في قول الشاعر [من الوافر] :
٧٠١ ـ سموت ولم تكن أهلا لتسمو |
|
ولكنّ المضيّع قد يصاب (٢) |
فصرّح بالخبر الّذي هو أهلا مع وجود اللام والفعل بعده.
الثالث : قال في المغني : قد يحذف كان قبل لام الجحود ، كقوله [من الوافر] :
__________________
(١) ابتداء الآية الشريفة (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ.)
(٢) البيت بلا نسبة.