الثالث : العطف بحتى قليل ، وأهل الكوفة ينكرونه ألبتّة ، ويحملون نحو : جاء القوم حتى أبوك ، ورأيت القوم حتى أباك ، ومررت بالقوم حتى أبيك ، على أنّ حتى فيه ابتدائيّة ، وما بعدها على إضمار عامل.
أم نوعان ، متّصلة ومنفصلة ، وسيأتي بيانهما ، والجمهور على أنّ العاطفة أنّما هي المتّصلة ، وأمّا المنقطعة فهي حرف ابتداء كبل ، وتختصّ بالجمل ، فلا تعطف المفردات ، وأمّا قولهم : إنّها لإبل أم شاء ، فتقديره أنّها لإبل أم هي شاء.
وخرق ابن مالك إجماع النّحويّين فقال : إنّها تعطف المفردات ، وحمل قولهم : إنّها لإبل أم شاء على ظاهره ، واستدلّ بقول بعضهم : إنّ هنا لإبلا أم شاء بالنصب ، قال ابن هشام : فإن صحّت روايته فالأولى أن يقدّر لشاء ناصب ، أي أم أري شاء ، وذهب ابن جني إلى أنّ المنقطعة للعطف أيضا ، وهو ظاهر كلام المصنّف في حديقة المفردات ، كما سنبيّنه ، إن شاء الله.
و «أو» ترد لمعان :
أحدها : الشكّ من المتكلّم ، نحو : (قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) [الكهف / ١٩].
الثاني : للإبهام على السامع ، نحو : (إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [سبأ / ٢٤] ، وقول الشاعر [من الخفيف] :
٥٥٥ ـ نحن أو أنتم الأولى ألفوا ال |
|
... حقّ فبعدا للظالمين وسحقا (١) |
الثالث : التخيير بين المتعاطفين بأن يمتنع الجمع بينهما ، نحو : تزوّج هذه أو أختها.
الرابع : الإباحة بأن لا يمتنع الجمع ، نحو : جالس العلماء أو الزهاد.
الخامس : الجمع المطلق كالواو ، نحو قوله [من البسيط] :
٥٥٦ ـ جاء الخلافة أو كانت له قدرا |
|
كما أتي ربّه موسى على قدر (٢) |
السادس : الاضراب كبل ، نحو : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) [الصافات / ١٤٧] ، قال الرضيّ : وإنّما جاز الإضراب في كلامه تعالى ، لأنّه أخبر عنهم بأنّهم مائة ألف ، بناء على تحرّز الناس مع كونه تعالى عالما بأنّهم يزيدون ، ثمّ إنّه تعالى أخذ في التحقيق مضربا عمّا يغلط فيه غيره ، أي أرسلناه إلى جماعة يحرّزهم الناس مائة ألف ، وهم كانوا زائدين على ذلك.
السابع : التقسيم ، نحو : الكلمة اسم أو فعل أو حرف ، ذكره ابن مالك في بعض كتبه ، وعدل عنه في بعضها ، فقال : تأتي للتفريق المجرّد من الشكّ والإبهام والتخيير ، و
__________________
(١) لم يسمّ قائله. وفي المغني «فبعدا للمبطلين وسحقا» ، اللغة : سحقا : بعدا أشدّ البعد.
(٢) هو لجرير يمدح بها عمر بن عبد العزيز. اللغة : القدر : بمعنى مقدّرة من غير طلب.