وأجاز بعضهم إضافتها إلى النكرة ، نحو : يعجبني أيّ رجل وأيّ رجلين وأي رجال وأي امرأة وأيّ امرأتين وأيّ نساء عندك ، والجمهور على منعه ، لأنّها حينئذ نكرة ، والموصولات معارف.
وقد تلحقها علامة الفروع في لغة حكاها ابن كيسان ، فيقال : أيّة وأيّان وأيّتان وأيّون وأيّات ، ويلزم استقبال عاملها وتقديمه عند الكوفيّين ، واختاره ابن هشام في الأوضح ، وخالفهم البصريّون ، وتبعهم ابن مالك قال : ولا حجّة للكوفيّين إلا كون ما ورد على وفق ما قالوه ، انتهى.
ووجه وجوب تقديم العامل بقصد الفرق بينها وبين الشرطيّة والاستفهاميّة ، وسئل الكسائيّ في حلقة يونس ، لم لا يجوز أعجبني أيّهم قام؟ فلم يكن له مستند إلا أن قال : أيّ كذا خلقت ، فقال له السائل استحييت لك يا شيخ. يعني أنّ مراده بذلك كذلك وجدتها ، وليس في وجودها كذلك ما يوجب أن يكون مع المستقبل ، إذ لا أمر هنا يتخيّل به الفرق بين المستقبل والماضي ، فإذا لم يكن هناك متخيّل (١) ، فلا فرق بينهما.
قال الرضي : وعلّل ابن باذش (٢) بأن قال : أيّ موضوعة على الإبهام ، والإبهام لا يتحقّق إلا في المستقبل الّذي لا يدري مقطعه ولا مبدأه ، بخلاف الماضي والحال ، فإنّهما محصوران ، فلمّا كان الإبهام في المستقبل أكثر منه في غيره ، استعلمت معه أيّ الموضوعة على الإبهام ، وليس بشيء ، لأنّ الابهامين مختلفان ، ولا تعلّق لأحدهما بالآخر ، انتهى.
وأنكر ثعلب موصوليّة أيّ ، وزعم أنّه لا تستعمل إلا استفهاما أو شرطا ، وقال : ولم أسمع أيّهم هو فاضل جاءني ، بتقدير الّذي هو فاضل جاءني ، وردّ بالسماع قال [من المتقارب] :
٥١١ ـ ... |
|
فسلّم على أيّهم أفضل (٣) |
في رواية الضمّ ، إذ لو كانت شرطا أو استفهاما لأعربت فساد المعنى عليهما ، وليست صفة ولا حالا للزوم إضافتها فيهما إلى النكرة ، ولا صلة للنداء ، إذ ليس في البيت نداء ، فإذا انتفي غير الموصولة تعيّنت الموصولة.
__________________
(١) سقط متخيّل في «ح».
(٢) على بن أحمد بن خلف بن محمد الأنصاري الغرناطي ، الإمام أبو الحسن بن الباذش ، أوحد في زمانه إتقانا ومعرفة بعلم العربية ، صنف : شرح كتاب سيبويه ، المقتضب ، شرح أصول ابن السراج ، شرح الإيضاح ، شرح الجمل ، شرح الكافي للنحاس ، مولده سنة ٤٤٤ ه وتوفّي سنة ٥٢٨ ه. المصدر السابق ص ١٤٢.
(٣) تقدم برقم ٥١٠.