وقال فى البيت : إنّه لا يعرف قائله مع احتماله لأن يكون دعاء بلفظ الخبر مثل : يغفر لك الله ويرحمك ، وحذفت الياء تخفيفا ، واجتزئ عنها بالكسرة.
حذف حركة الإعراب : وأمّا حذف حركة الإعراب ، فقيل بجوازه مطلقا ، وعليه ابن مالك ، وقال : إنّ أبا عمرو حكاه عن لغة تميم ، وخرّج عليه آيات من القرآن ، منها قوله تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَ) [البقرة / ٢٨٨] ، فيمن قرأ بسكون التّاء ، وقول الشاعر [من السريع] :
٥٥ ـ ... |
|
وقد بدا هنك من المئزر (١) |
وقوله [من السريع] :
٥٦ ـ فاليوم أشرب غير مستحقب |
|
... (٢) |
وقيل بالمنع مطلقا ، وعليه المبرّد. وقال : الرواية فى البيتين ، وقد بدا ذاك ، فاليوم اسقي ، وقيل بالجواز في الشعر ، والمنع في الاختيار ، وعليه الجمهور.
وقال أبو حيان : وإذا ثبت نقل أبى عمرو كان حجّة على المذهبين ، قاله فى الهمع (٣) : وسيأتي بيان الخلاف فى رافع المضارع فى الحديقة الرابعة إن شاء الله تعالى ، فلينتظر.
«وإلا» يتجرّد عن ناصب وجازم «فمنصوب» بحرف واحد من أربعة ، سيأتى ذكرها في حديقة الأفعال ، أو مجزوم بحروف سيأتى عدّها ثمّة.
حكم فعل الأمر : «وفعل الأمر يبنى» على وفق الأصل كما مرّ ، وبناؤه «على ما يجزم به مضارعه» المبدوّ بتاء الخطاب ، فيبنى على السّكون إذا كان صحيحا ، لم يتّصل بآخره ألف الاثنين ، ولا واو الجماعة ، ولا ياء الواحدة المخاطبة ، نحو : اضرب وانطلق واستخرج ، فإنّ مضارعه يجزم بالسكون إلا إذا كان مضعّفا نحو : ردّ ، فيجوز تحريكه بالحركات الثلاث ، وبها روى قول جرير [من الكامل] :
٥٧ ـ ذمّ المنازل بعد منزلة اللّوى |
|
والعيش بعد أولئك الأيّام (٤) |
__________________
(١) صدره «رحت وفى رجيلك ما فيها» ، وهو للأقشير الأسدى. اللغة : المئزر : الإزار.
(٢) تقدّم برقم ٥٤.
(٣) همع الموامع في شرح جمع الجوامع في النحو للسيوطي المتوفى ٩١١ ه. ق كشف الظنون ١ / ٥٩٨.
(٤) اللغة : ذمّ فعل أمر من الذم ، ويجوز فى ميمه تحريكها بأحدي الحركات الثلاث : الكسر ، لأنّه الأصل في التخلص من التقاء الساكنين ، فهو مبني على السكون وحرّك بالكسر للتخلّص من التقاء الساكنين ، والفتح للتخفيف ، لأنّ الفتحة أخفّ الحركات ، وهذه لغة بني أسد ، والضم ، لاتّباع حركة الذال ، وهذا الوجه