ولو صلّى الظّهر من وجب عليه السّعي لم تسقط ، بل يحضر ، فإن أدركها صلّاها وإلّا أعاد ظهره وتدرك الجمعة بإدراك الإمام راكعا في الثنائية.
______________________________________________________
رجاء لخلاص النّفس من الغرقات المهلكات الموقعة في أسفل الدركات ولا بدّ من عدم الاعتداد بشيء مما يتفق له من العبادات وجعل الوسيلة إلى الدرجات العاليات محض الألطاف والإنعامات وشفاعة ذوي الشفاعات ، والانقطاع إليه بالكلية في السر والعلانيات بتصوير نفسه خالية من الخيرات إلا بعناية من واهب العطيات ، أو يحصل لها من الكسر والتشويش والاضطراب وغلق القلب والانكسارات ، مضافة على باقي المحن والبليات المعدات في الدنيا للمؤمنين والمؤمنات ، واستحقاق المراتب العاليات والسعادات الأخرويّات ، وأظنّها أعظم بالنسبة إلىّ من القتل ، فاني ما أفهم مسئلة خالية عن شيء من الشبهات إلا قليلة من الكثيرات ، وكأنّه يرشدك إلى الحكمة المذكورة ، أنّه شرط الشارع لقبول واحدة من الطاعات. من الشرائط الكثيرات. خصوصا الإخلاص الدقيق في النية ، وما شرط أصلا لصحة السيئة ، فتأمّل ، فإنها لا تخلو عن دقة ، وفي إفهامها إيّانا وعدم الغفلة عن تلك ، عين تلك الحكمة وهكذا ، فتغفل مع ذلك النّفس المذنبة العاصية الكسلة الخاطئة ، فإنها مفهمة مسئوله ، ولا يجوز بعد ذلك الغفلة عن الخدمة ، ولا بدّ من ترك السيئة والسنة (١) والكسلة وسائر المهلكات الخسيسة العظيمة الكثيرة والقليلة والحقيرة ، والله المعين والموفق للعبادة وترك السيئة.
قوله : (ولو صلى الظهر ـ إلخ) دليله واضح قال في المنتهى : ذهب إليه علماؤنا أجمع ، ولأنّه مأمور بالسعي إلى الجمعة ما لم تفت ، فيجب ، وتجب إعادة الظهر لأنّه ما صلاها امتثالا للأمر ، لعدم الأمر بها ، بل النهي عنها.
قوله : (وتدرك الجمعة ـ إلخ) هذه مبنيّة على إدراك الجماعة بإدراك الإمام راكعا ، وإدراك الصلاة بإدراك الركعة ، والظاهر أنّ الثاني لا خلاف فيه ، والأول فيه خلاف لاختلاف الأخبار. وذهب الشيخ في كتابي (٢) الأخبار لا النهاية فقط ، الى عدم الإدراك واشتراط ادراك تكبير الركوع ، كأنه كناية عن
__________________
(١) أي الفتور.
(٢) قال في التهذيب في باب أحكام الجماعة : ومن لم يلحق في تكبيرة الركوع فقد فاتته تلك الركعة.