ويكره تكرار الصلاة.
______________________________________________________
قال : ولكن نصلّي عليه ههنا فرفع يديه يدعو واجتهد في الدّعاء وترحّم عليه (١) فإنّ هذا كان بعد الدّفن في مكّة. ومعلوم أنّه صلّى عليه. ويؤيّد الوجوب الأخبار الدّالة على عدم الصلاة على الميّت مرّتين كما ستسمع.
وبالجملة شغل الذّمّة ظاهر ، والخروج عن العدة والبراءة غير ظاهر بما مرّ : فالاحتياط أيضا يقتضيه.
والمصنف قال في المنتهى الأقوى عندي أنّ الصّلاة بعد الدّفن ليست بواجبة ، لأنّه بدفنه خرج عن أهل الدّنيا فيساوي البالي في قبره. ويؤيّده ما رواه الشيخ. وذكر الأخبار الّتي ذكرناها مما تدلّ على عدم الوجوب بعد الدّفن. والدّليل الأوّل غير مسلم الكبرى. وقد عرفت حال الأخبار.
والجمع بينها بالحمل على ما مرّ في الجواب ـ من حمل ما يدلّ على عدم الوجوب على من صلّى عليه بعد الدّفن ، أو الكراهة ، أو بعد صيرورته ترابا ـ ممكن : فوجه الجمع ليس بمنحصر في الحمل على الجواز ونفي الوجوب. وكأنّه لما ذكرناه ، اختار في المختلف الوجوب فتأمّل.
قوله : «ويكره تكرار الصّلاة» والروايات هنا أيضا مختلفة ، والّذي يقتضيه النظر عدمه مطلقا. لأنّها واجبة كفاية فإذا فعلت سقطت عن الكلّ بلا خلاف ، فلا بدّ لمشروعيّتها ندبا أو واجبا من دليل ، وليس هنا دليل صالح لذلك كما ستعرف وعلى تقدير الفعل ، لا معنى للوجوب. إذ لا وجوب إجماعا ، ولا للندب لعدم القائل به على الظّاهر ، اللهمّ إلّا أن يقول به المجوز.
والكراهة بالمعنى الحقيقي معلوم الانتفاء ، فما بقي إلّا التحريم. ولمثل هذا قيل بتحريم تكرار سائر الصلوات ، وهو مؤيّد هنا. إلّا أن يكون الأولى مشتملة على نقص فتعاد للفضل ، والاحتياط :
__________________
(١) الوسائل باب (١٨) من أبواب صلاة الجنازة حديث ـ ٤ ولفظ الحديث هكذا «عن جعفر بن عيسى قال : قدم أبو عبد الله عليه السلام مكة فسألني عن عبد الله بن أعين فقلت : مات ، قال : مات؟ قلت : نعم ، قال : فانطلق بنا إلى قبره حتى نصلي عليه ، قلت نعم ، فقال : لا ولكن نصلي عليه ههنا ، فرفع يديه يدعوا واجتهد في الدعاء وترحم عليه».