ما دام ممكناً ، ومع تلف إحدى العينين يمتنع الترادّ فيتحقّق اللزوم ، ويكفي تلف بعض إحدى العينين لامتناع الترادّ في الباقي إذ هو موجب لتبعّض الصفقة والضرر» (١) انتهى.
ويشكل مع عدم اختصاص هذا القول بالمتأخّرين بل العمدة من أهله الشيخ وأتباعه عدم إمكان هذا التنزيل بالنظر إلى ما في كلام كثير منهم من نفي البيعيّة صريحاً ، مع في كلام غير واحد أيضاً كالشيخ والحلّي من نفي الملك صريحاً. وحمله على إرادة نفي استقرار الملك الغير المنافي لحصوله متزلزلاً ـ مع كمال بعده ـ لا يجدي نفعاً بعد التصريح بنفي البيعيّة.
وخامسها : ما يظهر من الشهيد فيما حكي عنه في موضع من شرحه للقواعد من قوله : «إنّ المعاطاة معاوضة مستقلّة جائزة أو لازمة» (٢) انتهى ، وتبعه الشيخ في شرح القواعد فإنّه بعد ما اختار في المعاطاة مطلقاً إفادتها الملك قال فيما حكي عنه : «وهل هي داخلة في اسم المعاملة الّتي جاءت في مقامها فتجري فيها شرائطها وأحكامها؟ ظاهر جماعة من الأصحاب اختيار ذلك ، فتجري فيها قائمة مقام البيع أحكام الشفعة والخيار والصرف والسلم وبيع الحيوان والثمار وجميع شرائطه سوى الصيغة ، ولم يقم على ذلك شاهد معتبر من كتاب أو سنّة أو إجماع ، والأقوى أنّها قسم آخر بمنزلة الصلح والعقود الجائزة ، ويلزم فيها ما يلزم فيها ، فتصحّ المعاطاة على المشاهد من مكيل أو موزون من غير اعتبار مكيال أو ميزان ، وبنحو ذلك جرت عادة المسلمين. نعم لو أرادوا المداقّة بنوا على إيقاع الصيغة والمحافظة على الشروط ، فالظاهر أنّه متى جاء بالفعل مستقلّاً أو مع ألفاظ لا يستجمع الشرائط مقصوداً بهما المسامحة جاء حكم المعاطاة ، وعلى الأوّل فإن صرّح فيها بإلحاق بيع أو غيره بنى عليه وإلّا فالبيع أصل في المعاوضة على الأعيان مقدّم على الصلح والهبة المعوّضة والإجارة أصل في نقل المنافع مقدّمة على الصلح والجعالة» (٣) انتهى.
وهاهنا قولان آخران :
أحدهما : التفصيل بين ما يقع بالفعل المحض من غير لفظ يدلّ على الرضا فلا يفيد
__________________
(١) جامع المقاصد ٤ : ٥٨.
(٢) القواعد والفوائد ١ : ٥٠.
(٣) شرح القواعد ٢ : ٣١ ـ / ٣٢.