عن الرجوع إلى طبيب ناقص بذكر نقصانه ، أو عن إدخال من يخون في أهله ولو بالنظر إليها في داره ، أو عن المعاملة لمن ينكر حقّه قرضاً أو قراضاً أو يعسر في أدائه ، أو عن تزويج امرأة بذكر قبائحها الّتي توجب وقوع المريد لتزويجها في فساد أو تلف مال أو اتّهام أو انهتاك عرض أو نحو ذلك ، ومنه بيان خلل في بكارتها وهو يريدها باعتقاد البكارة.
وهذا فيما كان الضرر هلاكة نفس محترمة ممّا لا إشكال في جوازه بل وجوبه أيضاً ترجيحاً لأعظم المصلحتين وهي مصلحة حفظ النفس ، وفي غيره محلّ إشكال خصوصاً فيما كان الضرر ماليّاً سيّما اليسير منه ، إذ لم نقف على دليل مخرج عن أدلّة تحريم الغيبة وإشاعة السرّ.
ومن مشايخنا من نفى الريب في مثال تزويج المرأة عن أولويّة التنبيه على بعض قبائحها من ترك نصح المؤمن مع ظهور عدّة من الأخبار في وجوبه (١).
والتمسّك بظهور الأخبار المشار إليها وإن كان غير بعيد في هذا المثال ونحوه وفيما كان الضرر المخوف من جهة المغتاب هتكاً للعرض أو نقصاً في الشأن وفيما كان الضرر المالي كثيراً يعتدّ به العقلاء ، وفي غيره مشكل غاية الإشكال ، والأولى إناطة الحكم بالأهمّ من مصلحة فعل النصيحة ومصلحة احترام المؤمن أو الأعظم من مفسدة اغتياب المؤمن وإذاعة سرّه وإشاعة عيبه ومفسدة ترك نصيحة مؤمن آخر ، ويختلف ذلك بحسب الأشخاص وبحسب أنواع الضرر وبحسب مراتب الضرر المالي.
الخامس : نصح المستشير وهو النصيحة المسبوقة بالاستشارة ، وهو من المشورة بمعنى طلب الرأي في الأمر ، وحاصل معناه رجوع الإنسان إلى غيره ممّن كمل عقله ليرى رأيه في أمره المتردّد فيه على معنى رأيه في صلاحه وفساده ، فالمستشير هو الّذي يرجع إليه ويطلب رأيه في مصلحته أو مفسدته في أمره ، والمعهود من معنى النصح في متفاهم العرف ما يعبّر عنه في الفارسيّة «بخير خواهى كردن» ويرادفه «نيك خواهى كردن» كما فسّره به في الكنز (٢) وهو المتبادر من قوله تعالى : «وَلا يَنْفَعُكُمْ
__________________
(١) المكاسب ١ : ٣٥٢.
(٢) كنز ٢ : ١٣١٨.