دخوله في ملكه بلا خلاف ، كما عن المبسوط (١) والخلاف (٢) والغنية (٣) والسرائر (٤) وقيل (٥) : «إنّ ظاهرهم إرادة نفي الخلاف بين المسلمين».
ولعلّ الوجه فيه أنّ التدارك لا يتحقّق إلّا بذلك ، وعلّل أيضاً بأنّ معنى ضمان العين ذهابها من مال الضامن ولازم ذلك إقامة مقابله من ماله مقامه ليصدق ذهابه من كيسه.
وفيهما نظر ، ولذا استشكل المحقّق والشهيد الثانيان في الملك على ما حكي عنهما فقال أوّلهما : «إنّ هنا إشكالاً ، فإنّه كيف يجب القيمة ويملكها الآخذ ويبقى العين على ملكه ، وجعلها في مقابلة الحيلولة لا يكاد يتّضح معناه» (٦) وقال ثانيهما : «إنّ هذا لا يخلو عن إشكال من حيث العوض والمعوّض على ملك المالك من دون دليل واضح ، ولو قيل بحصول الملك لكلّ منهما متزلزلاً وتوقّف تملّك المغصوب منه للبدل على اليأس من العين وإن جاز له التصرّف كان وجهاً في المسألة» (٧) انتهى.
ولعلّه مبنى إشكال الأوّل أيضاً على لزوم الجمع بين العوض والمعوّض. وإن كان قد يذبّ عن ذلك بأنّ دفع القيمة هاهنا ليس معاوضة ليلزم الجمع بين العوض والمعوّض ، فالمبذول هنا كالمبذول مع تلف العين في عدم البدل له. وفيه نظر فإن كان إجماعاً فلا منازعة ، وإلّا فالقول بعدم الملك لا يخلو عن قوّة ، للأصل ، ويعضده ظاهر مفهوم بدل الحيلولة فإنّ معنى الحيلولة أنّ الغاصب حال بين العين والمالك ومنعه من التصرّفات فيه والانتفاعات به ، وأخذ القيمة ليتدارك بها ذلك وينتفع بها المالك بدل انتفاعاته بعينه. وهذا كما ترى لا يقتضي أزيد من إباحة التصرّفات وجواز عموم الانتفاعات ، ودخولها في ملكه يحتاج إلى دليل.
الخامس : ربما يتوسّط بين تلف العين وتعذّر الوصول إليها امور : منها : ما منع المالك شرعاً بفعل الغير من الانتفاع بعينه مطلقاً كالحيوان المقصود به ظهره من الخيل والبغال والحمير إذا وطأه إنسان ، فإنّ الواطئ إذا كان غير المالك يغرم
__________________
(١) المبسوط ٣ : ٩٥.
(٢) الخلاف ٣ : ٤١٢ المسألة ٢٦.
(٣) الغنية : ٢٨٢.
(٤) السرائر ٢ : ٤٨٦.
(٥) المكاسب ٣ : ٢٥٩.
(٦) جامع المقاصد ٦ : ٢٦١.
(٧) المسالك ٢ : ٢١٠.