أنت معافياً عنه خالياً منه ، وتكون مبيّناً للحقّ من الباطل ببيان الله ورسوله ، ولكن على شرط أن لا يكون للقائل بذلك مراد غير بيان الحقّ والباطل في دين الله ، وأمّا إذا أراد به نقص المذكور بغير ذلك المعنى فهو مأخوذ بفساد مراده وإن كان صواباً» (١). وعن الكاظم عليهالسلام قال : «من ذكر رجلاً من خلفه بما هو فيه ممّا عرفه الناس لم يغتبه ، ومن ذكره من خلفه بما هو فيه ممّا لا يعرفه الناس اغتابه ، ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته» (٢) وصحيحة داود بن سرحان عن الغيبة قال : «هو أن تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل ، وتبثّ (٣) عليه أمراً قد ستره الله عليه لم يقم عليه فيه حدّ (٤).
وينبغي التنبيه على امور تذكر فيها ما يعتبر في حقيقة الغيبة وما لا يعتبر :
الأوّل : قضيّة صريح عبارتي الصحاح والمجمع حيث اخذ فيهما التكلّم وصريح تعريفي المحقّق والشهيد الثانيين حيث أخذ فيهما القول كصريح حسنة عبد الرحمن وصحيحة داود بن سرحان ، كذلك كظاهر الآخرين من أهل اللغة وسائر الروايات المتقدّمة حيث عبّر في الجميع بالذكر ، وهو ظاهر في الذكر اللساني المرادف للقول مضافاً إلى ما في النبويّ المتقدّم من تفسير الذكر بالقول في قول القائل «أرأيت إن كان في أخي ما أقول» مع تقريره صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته» أن يكون حقيقة الغيبة من مقولة القول والكلام ، وما تقدّم من الشهيد في الرسالة يقتضي كونه المعروف بين الأصحاب ، مع كون غيره من جعلها أعمّ منه ومن الإشارة والكتابة والتحاكي وغيره من الأفعال غير معروف لشذوذه وندرة القائل به فيكون ضعيفاً ، لعدم شاهد عليه يقاوم لمعارضة ما سمعت من النصّ على القول لغةً وفتوى ورواية ، وإن اختاره غير واحد من مشايخنا (٥) ونسبه في المستند إلى جماعة (٦) منهم والده في جامع
__________________
(١) مصباح الشريعة : ٢٠٥.
(٢) الوسائل ١٢ : ٢٨٩ / ٣ ، ب ١٥٤ أحكام العشرة ، الكافي ٢ : ٢٦٦ / ٦.
(٣) البثّ : الإظهار ، منه.
(٤) الوسائل ١٢ : ٢٨٨ / ١ ، ب ١٥٤ أحكام العشرة ، الكافي ٢ : ٢٦٦ / ٣.
(٥) المكاسب ١ : ٣٣١ ، الجواهر ٢٢ : ٦٤.
(٦) كما في القواعد ٢ : ٤٦ ، جامع المقاصد ٤ : ٢٧ ، الروضة ٣ : ٣١٤.