الباب الرابع
في التكسّب بما يحرم في نفسه
أعني ما يلحقه التحريم في حدّ ذاته ، لا باعتبار ما يتعلّق به كالأعمال المحرّمة سواء كانت ممّا قوبل بالمال أو لا ، فخرج به الأعيان المحرّمة الّتي لحوق التحريم بها باعتبار ما يتعلّق بها من الأفعال المقصودة منها من أكل كالميتة أو شرب كالخمر ، أو لعب ومقامرة كآلات اللهو والقمار ، أو عبادة لغير الله كالأصنام والصلبان ، لأنّ التحريم وغيره من الأحكام التكليفيّة لا يضاف إلى غير فعل المكلّف على وجه الحقيقة ، فما خرج بالقيد المذكور بالتوجيه المزبور الأعيان النجسة والأعيان المحرّمة لتحريم ما قصد منها وغيرها من عناوين الأبواب الثلاث المتقدّمة.
فما في كلام بعض مشايخنا (١) تبعاً للشيخ النجفي في شرحه للقواعد من جعله لإخراج ما هو محرّم لنجاسته أو لغايته أو للعبث ، ليس بسديد ، وإن كان مفاده أيضاً إخراج ما ذكر من عناوين الأبواب المتقدّمة.
وأضعف من ذلك حمل القيد على إرادة الحرمة النفسيّة احترازاً عن المحرّمات الغيريّة كمقدّمات المحرّمات النفسيّة ، فإنّ من يحرّم التكسّب بالمحرّمات يحرّمه بمقدّماتها أيضاً. وكيف كان فبعد ما عرفت أنّ موضوع هذا الباب هو الأعمال المحرّمة يظهر أنّ التكسّب بها لا يتأتّى بنحو عقد البيع وغيره ممّا يختصّ بالأعيان ، بل إنّما
__________________
(١) الجواهر ٢٢ : ٤١.