وبالتأمّل في ذلك ينقدح أنّ الاستيجار على الحجّ واجباً أو مندوباً عن الغير حيّاً أو ميّتاً وعلى زيارات قبور المعصومين عليهمالسلام عن الغير حيّاً أو ميّتاً وعلى تلاوة كلام الله عن الغير كذلك وعلى قضاء الفوائت عن الميّت وما أشبه ذلك خارج عن موضوع مسألة أخذ الاجرة على الواجبات. والإشكال الموجود في المسألة من جهة مانعيّة صفة الوجوب وعدمها عن أخذ الاجرة غير جار في هذه الموارد لانتفاء الوجوب في حقّ المستأجر.
نعم فيها إشكال آخر معروف ، وهو منافاة أخذ الاجرة للقربة المعتبرة فيها لأجل كونها من العبادات ، ولكنّه هيّن وواضح دفعه.
وتوضيحه : أنّ الأعمال المستحبّة وهي العناوين الّتي حكم الشرع باستحبابها وكذلك بعض الواجبات على أنواع :
منها : ما يعتبر في صحّتها المباشرة النفسيّة ، ولا تقع صحيحة في حقّ مكلّف لو وقعت من غير مباشرته ، كغسل الجمعة ، وفعل النوافل ، وعيادة المريض ، وما أشبه ذلك.
ومنها : ما لا يعتبر فيها المباشرة لما استفيد من أدلّتها من قبولها التسبيب كبناء المسجد أو المدرسة أو القنطرة أو الرباط وما أشبه ، حيث استفيد من أدلّة استحباب بناء المسجد أنّه عنوان يتأتّى تارةً بمباشرة المكلّف نفسه ، واخرى بتسبيبه وهو أن يأمر بالبنّاء ببنائه له ، فالمستحبّ في هذا النوع هو القدر المشترك بين ما يحصل بالمباشرة وما يحصل بالتسبيب.
ومنها : ما لا يعتبر فيها المباشرة أيضاً لما استفيد من دليل استحبابها قبولها النيابة كالأمثلة المذكورة للاستيجار.
أمّا النوع الأوّل : فحكمه أنّه لا يقع عليه عقد الإجارة ولا يجوز أخذ الاجرة عليه أصلاً ، وذلك لأنّ الاجرة في غسل الجمعة مثلاً إمّا أن يؤخذ عليه من حيث إنّه مستحبّ على المؤجر ، أو يؤخذ عليه من حيث إنّه مستحبّ على المستأجر ، ولا سبيل إلى شيء منهما ، أمّا الأوّل فلعدم وقوع العمل للمستأجر وعدم عود فوائده من كمال النفس وارتفاع الدرجة واستحقاق المثوبة على تقدير حصولها إليه فيكون المعاملة سفهيّة مع