إلى من يملك عليه حتّى يستحيل اتّحاد المالك والمملوك عليه.
وتحقيق المقام : أنّ معيار المسألة صدق البيع بمعناه العرفي الّذي سنذكره مع مقابلة الحقّ للعين مطلقاً أو في الجملة وعدمه ، والظاهر صدقه عرفاً على ما لو قال : بعتك هذا بحقّ تحجيرك أو بحقّ رجوعك أو حقّ خيارك أو حقّ شفعتك أو نحوه ، ولذا لا يصحّ تكذيبه بأن يقال : ما بعته ، ولا سلب البيع عن تمليكه في مقابل ما ذكر من الحقوق لمكان كلمة الباء المفيدة للمقابلة المقتضية للعوضيّة الصادقة على الحقّ وإن كان أثرها السقوط في البعض والانتقال إلى البائع في البعض.
ودعوى كون البيع تمليكاً إن اريد بالقياس إلى المبيع فهو حاصل في المقام ، وإن اريد بالقياس إلى كلّ من العوضين فهو في جميع فروض العوض محلّ منع ، كالمنع من دعوى أخذ المال في عوضي المبايعة عرفاً ولغة ، أمّا في الأوّل فلما عرفت من عدم صحّة التكذيب وسلب الاسم عرفاً ، وأمّا في الثاني فلعدم شاهد عليه من كلام أهل اللغة عدا ما تقدّم عن المصباح المنير ، ولقد عرفت ما فيه مع قوّة احتمال بنائه على الغالب في العوضين من كونها مالين.
ثمّ إنّ البيع يطلق على معان :
أحدها : المعاملة المتقوّمة بالمتبايعين المنحلّة إلى فعل البائع وفعل المشتري المعبّر عنهما في الفارسيّة بـ «فروختن وخريدن».
وقد يقال : إنّ هذا عرف خاصّ واصطلاح مخصوص للفقهاء يذكرونه في سلك سائر العقود ويعدّونه في عدادها ، ومن موارد إطلاقه عليه قولهم باب البيع أو كتاب البيع كما يقولون باب الإجارة وباب الصلح ونحوه ، ولم يوجد الإطلاق عليه في خطابات الشرع كتاباً وسنّة.
ويمكن الخدشة فيه بمنع الإنكار المذكور ، لجواز كون ما في قوله تعالى : «فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ» (١) وما في قوله تعالى أيضاً : «رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ» (٢) من هذا الباب.
__________________
(١) الجمعة : ٩.
(٢) النور : ٣٧.