إلّا جواز التصرّف وما يقع باللفظ الدالّ عليه كائناً ما كان وإن لم يجامع الشروط المعتبرة في الصيغة المخصوصة ، فينعقد بيعاً صحيحاً بل لازماً كما أشار إلى حكايته في المسالك عن بعض مشايخه ، قائلاً ـ بعد نقل قول المفيد ـ : «وقد كان بعض مشايخنا المعاصرين (١) يذهب إلى ذلك أيضاً لكن يشترط في الدالّ كونه لفظاً وإطلاق كلام المفيد أعمّ منه» (٢) ووافقه صاحب الحدائق (٣) بل يظهر من مفتاح الكرامة أنّ له موافقاً آخر من أهل البحرين غيره حيث نقل هذا القول عن السيّد المذكور «ومن وافقه من أهل البحرين» (٤) بصيغة الجمع.
وثانيهما : التفصيل بين أن يكون في قصدهما إيقاع البيع اللازم وعدمه ، فيفسد على الأوّل مطلقاً ويصحّ على الثاني بيعاً ولكن مع الجواز لا اللزوم ، وهو الّذي رآه بعض مشايخنا (٥) حقّاً وزعم كونه موافقاً لقواعد الشريعة جامعاً بين الأدلّة الشرعية المتعارضة.
ثمّ إنّ الظاهر أنّ محلّ النزاع ومورد الكلام الّذي يتوارد عليه هذه الأقوال هو أن يقصد المتعاطيان بفعلهما تمليك العين وتملّكها بعوض مأخوذ في المجلس أو مضمون في الذمّة ولو قصداً إجماليّاً وهو كون المركوز في نفسهما المحرّك لهما إلى هذا الفعل هو الملك في العوضين وإن لم يلتفتا إليه حين الفعل لاشتغال الذهن إلى شاغل آخر ، وإن شئت تطبيق ذلك على معنى البيع المتقدّم المشترك بين الصحيح والفاسد فعبّر عنه بمبادلة عين بعوض بقصد التمليك والتملّك فيهما من دون إعمال صيغة مخصوصة منهما ولا من أحدهما سواء وقع بينهما حين الفعل لفظ آخر غيرها يدلّ على التراضي وقصد الملك المعاوضي أو لم يقع.
وكون ذلك هو المحلّ للنزاع ومورد الأقوال هو المنساق من مطاوي كلماتهم وتضاعيف عباراتهم المصرّح به في كلام جماعة ولا سيّما غير واحد من مشايخنا قدّس الله أرواحهم ، وهو الّذي يساعد عليه الاعتبار لوجوب توارد أقوال المسألة
__________________
(١) ومراده من بعض مشايخه المعاصرين السيّد حسن بن السيّد جعفر البحراني.
(٢) المسالك ٣ : ١٤٩.
(٣) الحدائق ١٨ : ٣٥٠.
(٤) مفتاح الكرامة ١٢ : ٥٠٦.
(٥) المكاسب ٣ : ٥١.