بقوله : «بلا إذن» عن الوكيل أو الوصيّ إذا عقد في مال الموكّل أو الموصي ، وبقوله : «من يحتاج إلى إذنه» عن المالك ووليّه ـ كالأب والجدّ والحاكم وأمينه ـ لأنّ الأوّل لا يحتاج في عقده إلى إذن أحد ، والثاني لا يحتاج إلى إذن المالك.
ثمّ إنّ ظاهرهم الاتّفاق على اشتراط المالكيّة بالمعنى الأعمّ ـ وحينئذٍ ربّما يشكل الحال في عقد الفضولي على القول بصحّته مع الإجازة ، فإنّ مقتضى شرطيّة المالكيّة بالمعنى الأعمّ وقوعه باطلاً من أصله كما عليه جماعة (١) فما معنى صحّته مع الإجازة؟ ويمكن الذبّ بأنّهم اتّفقوا على الاشتراط واختلفوا في المشروط به وأنّه هل هو تأثير العقد أو استقرار أثره؟ فمنهم من قال : بأنّ المالكيّة بالمعنى المذكور شرط لتأثير العقد ، ولزمه القول ببطلان عقد الفضولي من أصله. ومنهم من قال : بأنّها شرط لاستقرار أثره ، ولزمه القول بصحّة عقد الفضولي ووقوف استقرار أثره على لحوق الرضا أو الإجازة.
ويشكل بأنّ المستفاد من كلماتهم صراحة وظهوراً في الاستدلال على صحّة عقد الفضولي أو بطلانه كون مناط الصحّة هو رضا المالك أو إذنه ، ورجوع اختلافهم إلى أنّ المعتبر هو الرضا أو الإذن السابق المقارن للعقد خاصّة أو مطلق الرضا والإذن ولو لاحقاً ، وقضيّة ذلك أن يكون شرط استقرار الأثر على القول بالصحّة هو لحوق الرضا أو الإذن الّتي يقال لها الإجازة ـ لا المالكيّة بالمعنى المذكور.
اللهمّ إلّا أن يقال : بأنّ المالكيّة بهذا المعنى شرط لشرط التأثير لا أنّها في نفسه شرط له ، على معنى أنّ شرط الصحّة والتأثير هو الرضا أو الإذن مطلقاً أو بشرط السبق والمقارنة ، ولكن يعتبر فيهما كونهما من المالك بالمعنى الأعمّ. وبعبارة اخرى أنّ العلماء بذكر شرط المالكيّة قصدوا إلى بيان أنّ شرط صحّة العقد وتأثيره هو رضا المالك للتصرّف مطلقاً ولو لاحقاً أو رضاه السابق المقارن لا مطلقاً. هذا غاية ما يمكن أن يقال في الجمع بين كلماتهم في بيان شرط المالكيّة وإناطتهم لصحّة العقد برضا المالك ، ثمّ اختلافهم في أنّه مطلق الرضا ولو لاحقاً أو الرضا المقارن بالخصوص ، وتفريعهم صحّة عقد الفضولي مع لحوق الإجازة عليها.
__________________
(١) كما في الإيضاح ١ : ٤١٦ ـ ٤١٧ ، والحدائق ١٨ : ٣٧٨ ـ ٣٩١ ، ومجمع البرهان ٨ : ١٥٨.