وجه عدم الجواز الجهالة إمّا جهالة مقدار المبيع أو جهالة وجوده في الرحم ، بملاحظة أنّها قد تلقح وقد لا تلقح. والأولى تعليله بعدم القدرة على التسليم إذا كان المشتري غير مالك الدابّة ، وإلّا فالوجه أنّه إمّا مالك لما استقرّ في الرحم أو سيصير مالكاً للولد بقاعدة التبعيّة للُامّ الثابتة بالشرع في الحيوان الغير الآدمي. وعن العلّامة (١) أنّه ذكر من المحرّمات بيع عسيب الفحل وهو ماؤه قبل الاستقرار في الرحم ، كما أنّ الملاقيح هو ماؤه بعد الاستقرار. وفي تفسير الملاقيح بما ذكر نظر ، ولعلّ الوجه في تفسير العسيب بماء الفحل قبل الاستقرار في الرحم ليعمّ الحكم كلتا الحالتين الاولى والأخيرة.
المقام الثاني : في التكسّب ببيع وغيره في الكافر الأصلي أو الارتدادي الحربي أو الذمّي المملوك لمسلم أو كافر حربي أو ذمّي ، وهو جائز بلا خلاف بل بإجماع المسلمين كما في جواهر الكلام (٢) ولا يبعد دعوى الضرورة فيه في الجملة ، والنصوص (٣) الناطقة به مع ذلك مستفيضة ، فهو حينئذٍ مع كونه من الأعيان النجسة مخرج عن القاعدة ، والنجاسة هاهنا غير مانعة من التكسّب وإن كانت ذاتيّة. وهل هذا خروج موضوعي أو أنّه خارج عن الحكم بالدليل من باب التخصيص؟ فقد يستشمّ الأوّل من جملة من العبارات لبنائهم جواز بيع الكافر وصحّته على قبوله الطهر بالإسلام ، وبناء بعضهم جواز بيع المرتدّ الفطري على قبول توبته.
وعن مفتاح الكرامة المبالغة في منع ذلك بقوله : «أمّا المرتدّ عن فطرة فالقول بجواز بيعه ضعيف جدّاً ، لعدم قبول توبته فلا يقبل التطهير» (٤) ومبنى هذا البناء على كون موضوع القاعدة الأعيان النجسة الغير القابلة للتطهير من غير استحالة ، فيكون المملوك الكافر لقبوله التطهير بالإسلام خارجاً عن هذا العنوان.
ويرد عليه أوّلاً : أنّه لا دليل على تقييد العنوان بما ذكر.
وثانياً : أنّه لو سلّم فإنّما يعتبر فيما لا ينتفع به منفعة معتدّاً بها إلّا مع الطهارة ، على
__________________
(١) التذكرة ١٠ : ٦٧.
(٢) الجواهر ٢٢ : ٢٣.
(٣) الوسائل ١٧ : ١٢٢ / ١ ، ب ١٦ ما يكتسب به ، التهذيب ٦ : ٣٨٧ / ١١٥١.
(٤) مفتاح الكرامة ١٢ : ٣٩.