السابع (١) : في ملزمات معاطاة البيع فنقول : قد اتّفق الأصحاب ـ مع اختلافهم في أنّها هل تفيد الملك أو الإباحة وعلى الأوّل هل تفيد اللزوم أو الجواز ـ على أنّ لها ملزماً ، وهو لا يخلو عن امور ثلاث : التلف ، ونقل الملك بسبب شرعي ، وتغيير الوصف. والملزميّة في بعض هذه الثلاث محلّ وفاق ، وفي البعض الآخر محلّ خلاف حسبما تعرفه. ثمّ لكلّ من هذه الحالات أقسام أربع ، لأنّها إمّا تحصل في تمام كلّ من العينين ، أو في تمام إحدى العينين ، أو في بعض كلّ منهما ، أو في بعض إحداهما ، ومرتفع الثلاث في الأربع اثنى عشر. وتمام البحث في أحكام هذه الأقسام يقع في طيّ مسائل :
المسألة الاولى : في تلف تمام كلّ من العينين ، ونعني بالتلف تبدّل وصف وجود الشيء بالعدم سواء كان بآفة سماويّة أو بإتلاف من بيده أو متلف آخر فهل يكون ملزماً أو لا؟ وليعلم أنّ المراد باللزوم هنا سقوط الجواز الّذي كان ثابتاً قبل التلف وهو جواز الرجوع بالعين ، وقد يعبّر بجواز الترادّ والمعنى واحد ، والمراد بالجواز المحتمل في مقابله هو جواز الرجوع على من تلفت بيده العين بغرامة مثلاً في المثليّات وقيمة في القيميّات ، لا جواز الرجوع بالعين لاستحالته. فاللزوم بالمعنى المذكور بعد تلف العينين هو المعروف من مذهب الأصحاب الّذي صرّح به جماعة من الأساطين وقد ينفى عنه الخلاف ، كما عن شرح (٢) القواعد وقد يدّعى عليه الإجماع على الظاهر المصرّح به في بعض العبائر.
وقد يستدلّ عليه بأصالة اللزوم الّتي هي الأصل في العقود ، والمتيقّن ممّا خرج منه ما دامت العينان باقيتين فوجب الحكم باللزوم بعد تلفهما عملاً بأصالة اللزوم. ولا خفاء في ضعفه لأنّ الاستناد إلى الأصل المذكور إنّما يتمّ أن لو كان الجواز المبحوث عنه مستنداً إلى وجود مانع يكون رافعاً للّزوم بحيث لولاه لكان اللزوم ثابتاً لوجود مقتضيه ، كما في الخيارات الّتي تثبت في العقد اللازم من مقتضى دليل شرعي كما في خياري المجلس والحيوان ، أو من مقتضى حالة وجوديّة طارئة دلّ الدليل على كونها رافعة للّزوم كما في خياري الغبن والعيب ، وهذا هو الّذي تقتصر في مخالفة أصالة
__________________
(١) تقدّم «السادس» في ص ٥٢٩.
(٢) شرح القواعد ٢ : ٢٨.