بيعاً فاسداً غير مفيد للملك والإباحة كما عليه العلّامة في النهاية ، وانعقادها إباحة مجرّدة عن الملك لا بيعاً كما عليه الشيخ وأتباعه ، وربّما يحتمل موافقته للمفيد أيضاً بناءً على كون البيع في مورد انفكاكه عن العقد على القول به مثله في اللزوم إلّا ما خرج بالدليل.
ورابعها : مذهب الشيخ وأتباعه فقالوا بأنّها تفيد إباحة وجوه التصرّفات بعد نفي تسميتها بيعاً ، وقد سمعت عبارة الشيخ في الخلاف وعلى منوالها عبارة السرائر (١) ويقرب منهما عبارة الغنية (٢) وغيرها.
وقد يجعل ذلك قولين :
أحدهما : إفادتها لإباحة مطلق التصرّفات حتّى ما يتوقّف منها على الملك ، كالوقف ووطء الجارية والهبة والبيع ، وعزي إلى ظاهر عبائر كثير منهم بل في المسالك «أنّ كلّ من قال بالإباحة يسوّغ جميع وجوه التصرّفات» (٣).
وثانيهما : إباحة ما لا يتوقّف من التصرّفات على الملك كالأكل والشرب واللبس والركوب وما أشبه ذلك ، وعزي إلى ظاهر كلام الشهيد في حواشيه على القواعد (٤) وفي المسالك جعل القول بالإباحة مشهوراً ، لكن المحقّق الكركي نزّله في جامع المقاصد على إرادة الملك المتزلزل ليوافق مختاره من انعقادها بيعاً جائزاً حيث قال ـ عقيب عبارته المتقدّمة في تحرير القول الثاني ـ : «وما يوجد في عبارة جمع من متأخّري الأصحاب من أنّها تفيد الإباحة وتلزم بذهاب إحدى العينين يريدون به عدم اللزوم في أوّل الأمر وبالذهاب يتحقّق اللزوم ، لامتناع إرادة الإباحة المجرّدة من أصل الملك ، إذ المقصود للمتعاطيين الملك فإذا لم يحصل كان بيعاً فاسداً ولم يجز التصرّف وكافّة الأصحاب على خلافه ، وأيضاً فإنّ الإباحة المحضة لا يقتضي الملك أصلاً ورأساً فكيف يتحقّق ملك شخص بذهاب مال آخر في يده؟ وإنّما الأفعال لمّا لم يكن دلالتها على المراد بالصراحة كالقول لأنّها تدلّ بالقرائن منعوا من لزوم العقد بها ، فيجوز الترادّ
__________________
(١) السرائر ٢ : ٢٥.
(٢) الغنية : ٢١٤.
(٣) المسالك ٣ : ١٤٩.
(٤) الحاشية النجاريّة (مخطوط) : ٥٧.