وفيه : نظر يظهر وجهه بمراجعة رسالتنا المنفردة في بيان أحكام الواجب وأقسامه ، وينبغي تفصيل القول في القضيّة المشتهرة المتقدّم إليها الإشارة ، وهي أنّ العقود تابعة للقصود ببيان أنّ القصد الّذي يتبعه العقد أيّ قصد وكم هو ومتعلّقه الّذي هو المقصود أيّ شيء؟ وبيان ما يعتبر قصده وما لا يعتبر ، وما يضرّ ، قصده وما لا يضرّ وما يفيد قصده وما لا يفيد ، فنقول : الأشياء الّتي يصلح قصدها في العقود أنواع :
منها : الامور المعتبرة في ماهيّة العقد وذاته من حيث كونه لفظاً خاصّاً ، كالتلفّظ والمعنى مادّة وهيئة ، فهل يعتبر قصدها في انعقاد العقد وتحقّق ذاته أو لا؟.
ومنها : الامور المعتبرة في ماهيّته من حيث تقوّمه بمحلّ تأثيره ومورد أثره الّتي يعبّر عنها بأركان العقد ، وقد يقال لها ضروريّات العقد كالمتعاقدين والعوضين في عقود المعاوضة ، فهل يعتبر قصد تعيين هذه الامور؟ بأن يقصد الموجب قابلاً معيّناً والقابل موجباً معيّناً ، وهما يقصدان مبيعاً معيّناً وثمناً معيّناً في البيع ، فلو قال الموجب : «بعت داري بمائة» من دون قصد إلى قابل معيّن ، فقال أحد : «قبلت» أو قال الموجب : «بعتك» قاصداً إلى معيّن ، فقال القابل : «قبلت» من دون قصد إلى موجب معيّن للذهول عن التعيين ، أو قال الموجب : «بعتك بمائة» من دون قصد إلى مبيع معيّن ، فقال المشتري : «قبلت» ثمّ عيّنا المبيع ، أو قال البائع : «بعتك داري» من دون قصد إلى ثمن معيّن ، فقال المشتري : «قبلت» ثمّ عيّنا الثمن.
ومنها : الامور الّتي هي لوازم عقليّة لتأثير العقد كانتقال ملك المعوّض إلى مالك العوض ، وانتقال ملك العوض إلى مالك المعوّض ، وهل قصد ذلك شرط فيه أو لا؟ وعلى الثاني فهل قصد خلافه ـ بأن يقصدا انتقال ملك المعوّض إلى غير مالك العوض كولده مثلاً أو يقصدا انتقال ملك العوض إلى غير مالك المعوّض كولده ـ مانع أو لا؟ وعلى الثاني فهل معنى عدم المانعيّة وقوع الانتقال على حسبما قصداه أو وقوع القصد المذكور لغواً وانتقال ملك كلّ من العوضين يقع لمالك العوض الآخر قهراً على خلاف ما قصد؟.
ومنها : الأحكام المترتّبة على العقد ، كحلّيّة البضع في عقد النكاح ، واستحقاق الزوجة للنفقة ، ووجوب القسم بين الزوجات على الزوج ، ولحوق الولد ، والتوارث بين الزوجين ، وحرمة الجمع بين الاختين ، وحرمة نكاح الخامسة ونحو ذلك ، وإباحة