ومنها : أنّ العقود تابعة للقصود ، ومن القصد المعتبر فيها قصد وقوع الأثر ، وهذا القصد إنّما يتأتّى من المالك ويمتنع حصوله من الفضولي فعقده فاقد لهذا القصد فيكون باطلاً.
وفيه : منع امتناع قصد وقوع الأثر من الفضولي إذا احتمل لحوق إجازة المالك ، ولو ظنّ لحوقها فإمكان حصوله منه أظهر ، ولو قطع به كان أظهر من سابقه ، غاية ما هنالك أنّه لا يؤثّر إلّا بعد لحوق الإجازة لأنّها تتضمّن إمضاء ذلك القصد فيؤثّر حينئذٍ. ولو سلّم امتناعه منه فيكفي حصوله من المالك حين الإجازة الكاشفة عن الرضا النفساني الّذي هو عبارة عن قصد وقوع الأثر ، غاية الأمر عدم مقارنته العقد ، ولا ضير فيه بعد مساعدة الأدلّة على صحّة الفضولي الكاشفة عن أنّ المعتبر في الصحّة هو أصل الرضا لا مقارنته.
المسألة الثانية : أن يبيع للمالك مع سبق منعه وكراهته ، وقد عزي إلى المشهور (١) صحّته أيضاً.
وقيل بالبطلان هنا ، وعن فخر الدين «أنّه حكى عن بعض القائلين بصحّة الفضولي أنّه اعتبر فيها عدم سبق نهي المالك» (٢) ومعناه البطلان مع سبقه.
ويلوح ذلك من العلّامة في نكاح التذكرة (٣) حيث إنّه بعد ما ضعّف سند النبوي «أيّما عبد تزوّج بغير إذن مولاه فهو عاهر» (٤) حمله على أنّه نكح بعد منع مولاه وكراهته فإنّه يقع باطلاً ، بناءً على ما قيل من أنّ الظاهر أنّه لا يفرّق بين النكاح وغيره. ويظهر أيضاً ممّن أفسد بيع الغاصب تعليلاً بوجود القرينة الدالّة على الكراهة وعدم الرضا وهو الغصب.
ووجه البطلان من أهل القول ببطلان الفضولي رأساً واضح ، فإنّ جميع الأدلّة المتقدّمة للقول بالبطلان آتية هنا بل بطريق أولى ولا حاجة إلى الإعادة ، والجواب عنها هو الجواب المتقدّم.
وأمّا من القائل بصحّة الفضولي في المسألة الاولى فوجهه لا يخلو من أحد الأمرين : من دعوى فقد المقتضي للصحّة بتخيّل كون أدلّة الصحّة مختصّة بغير هذه الصورة خصوصاً رواية عروة البارقي ، أو دعوى وجود المانع بتخيّل أنّ المنع الموجود
__________________
(١) كما في المكاسب ٣ : ٣٧٣.
(٢) الإيضاح ١ : ٤١٧.
(٣) التذكرة ٢ : ٥٨٨.
(٤) سنن البيهقي ٧ : ١٢٧.