قوله حيث قالوا : «إنّ العقود اللازمة لا تثبت بشيء من المجازات» (١).
ووجه التقريب أوّلاً : القاعدة المقرّرة من أنّ النفي الوارد عقيب كلام مقيّد ظاهر في الرجوع إلى القيد ، وقضيّة هذا الظهور كون الإجماع منقولاً على أنّ لزوم العقود اللازمة لا يثبت بشيء من المجازات.
وثانياً : قرينة مقابلة العقود اللازمة للعقود الجائزة ، فإنّها تقضي بأنّ اختصاص العقود اللازمة بهذا الحكم لا بدّ وأن يكون لجهة مائزة بينها وبين العقود الجائزة وليست إلّا كونها لازمة ، فيكون المتوقّف منها على الصراحة لزومها لا صحّتها ، لأنّها جهة مشتركة بينها وبين العقود الجائزة ، وهي فيها ليست متوقّفة على الصراحة إجماعاً ، ولذا لو فرض جميع العقود جائزة أو فرض البيع جائزاً لم يكن لها ولا له حكم إلّا الصحّة بدون الصراحة.
وممّا يؤيّده أيضاً صريح عبارة جامع المقاصد في باب القراض فإنّه بعد ما بيّن أنّه جائز من الطرفين ذكر أنّ قبوله يقع بكلّ ما يدلّ على الرضا بالإيجاب ولو كان فعلاً ، وعلّله «بأنّه ليس كالعقد اللازم لأنّ الحكم بلزومه متوقّف على حصول السبب المعتبر شرعاً وهو اللفظ» (٢) انتهى.
وحينئذٍ فالّذي ينبغي أن يذعن به هو كون الصراحة كالعربيّة شرطاً في لزوم البيع وسائر العقود اللازمة لا في انعقادها وصحّتها ، والله العالم بحقائق أحكامه.
المسألة الثالثة : في بيان الألفاظ المخصوصة المستعملة في إيجاب البيع وفي قبوله بناءً على اعتبار الصراحة في الصحّة أو في اللزوم على المختار.
أمّا المستعملة منها في الإيجاب ، فالمعروف بينهم المصرّح به في كلام جماعة (٣) من أساطينهم أنّها «بعت وشريت وملّكت» وعن الجامع (٤) الاقتصار على الأوّلين ، وقالوا : إنّ «بعت وشريت» حيث يقع كلّ منهما إيجاباً يتعدّى إلى مفعولين ، فلو قال
__________________
(١) مفتاح الكرامة ١٢ : ٤٨٣.
(٢) جامع المقاصد ٨ : ٥٣.
(٣) كما في نهاية الإحكام ٢ : ٤٤٨ ، والتذكرة ١٠ : ٨ ، والدروس ٣ : ١٩١ ، والتنقيح ٢ : ٢٤ ، ورسائل محقّق الكركي (صيغ العقود) ١ : ١٧٨ ، والروضة ٣ : ٢٢٥.
(٤) الجامع للشرائع : ٢٤٦.