وقال الشيخ المفيد في شرح عقائد الصدوق : الغلوّ في اللغة هو تجاوز الحدّ والخروج عن القصد ، قال الله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَ). الآية (١). فنهى عن تجاوز الحدّ في المسيح ، وحذّر من الخروج عن القصد في القول ، وجعل ما ادّعته النصارى فيه غلوّا لتعديه الحدّ على ما بيّناه ، والغلاة من المتظاهرين بالإسلام هم الذين نسبوا أمير المؤمنين والأئمة من ذرّيته عليهمالسلام الى الإلهية والنبوّة ، ووصفوهم من الفضل في الدين والدنيا الى ما تجاوزوا فيه الحدّ وخرجوا عن القصد ، وهم ضلاّل كفّار ـ الى ان قال ـ : والمفوّضة صنف من الغلاة ، وقولهم الذي فارقوا به من سواهم من الغلاة : اعترافهم بحدوث الأئمة وخلقهم ونفي القدم عنهم ، واضافة الخلق والرزق مع ذلك إليهم ، ودعواهم ان الله سبحانه تفرّد بخلقهم خاصة ، وانّهم فوّض إليهم خلق العالم بما فيه وجميع الافعال ، والحلاجيّة ضرب من أصحاب التصوّف.
الى ان قال : وامّا نصّ أبي جعفر ـ رحمهالله ـ بالغلو على من نسب مشايخ القميين وعلماءهم الى التقصير فليس نسبة هؤلاء القوم الى التقصير علامة على غلوّ الناس ، إذ في جملة المشار إليهم بالشيخوخة والعلم من كان مقصّرا ، وانّما يجب الحكم بالغلوّ على من نسب المحققين (٢) الى التقصير سواء كانوا من أهل قم أو من غيرها من البلاد وسائر الناس ، وقد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمّد بن الحسن بن الوليد ـ رحمهالله ـ لم نجد لها رافعا في التقصير ، وهي ما حكي [عنه] انه قال : أوّل درجة في الغلوّ نفي السهو عن النبيّ والامام.
فإن صحّت هذه الحكاية عنه فهو مقصّر مع انه من علماء القميين
__________________
(١) النساء : ٤ / ١٧١.
(٢) في نسخة : المحقين ، عن هامش المصدر.