ومشيختهم.
وقد وجدنا جماعة وردوا إلينا من قم يقصّرون تقصيرا ظاهرا في الدين ، وينزلون الأئمة عليهمالسلام عن مراتبهم ، ويزعمون انّهم كانوا لا يعرفون كثيرا من الأحكام الدينية حتى ينكت (١) في قلوبهم ، ويقولون : انّهم ملتجؤون في حكم الشريعة إلى الرأي والظنون ، ويدّعون انّهم من العلماء.
وهذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه ، ويكفي في علامة الغلوّ نفي القائل عن الأئمة عليهمالسلام سمات الحدوث ، وحكمه لهم بالالهية والقدم وما يقتضي ذلك من خلق أعيان الأجسام واختراع الجواهر وما ليس بمقدور العباد من الاعراض (٢) ، انتهى.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : الغلوّ بهذا المعنى الذي يوجب الكفر لم يكن في سهل قطعا وما كان معتقدا لالوهيّة أمير المؤمنين أو أحد من الأئمة عليهمالسلام ونفي سمات الحدوث عنهم ويشهد لذلك أمور :
أ ـ ما في النجاشي ان : له كتاب التوحيد ، رواه أبو [الحسن] العباس بن احمد بن الفضل بن محمّد الهاشمي الصالحي ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الآدمي (٣).
وظاهر لكلّ ذي دربة (٤) انه وضع لذكر ما ورد لإثبات وجوده تعالى وصفاته وأفعاله وما يتعلق بذلك ممّا يذكر في أبواب التوحيد ، ويظهر من كتاب
__________________
(١) ينكت في قلوبهم : اي يلقى في روعهم ويلهمون من قبل الله تعالى إلهاما ، يقال : أتيته وهو ينكت ، اي يفكر ، كأنما يحدث نفسه.
انظر المعجم الوسيط ٢ : ٩٥٠.
(٢) شرح عقائد الصدوق : ١٠٩ ـ ١١٤ ، باختلاف يسير ، وما أثبتناه بين المعقوفتين منه.
(٣) رجال النجاشي : ١٨٥ / ٤٩٠ ، وما أثبتناه بين معقوفتين منه.
(٤) أي : التجربة ، انظر لسان العرب : درب.