إلهنا بدار لا تبين رسومها |
|
كأنّ بُقَيّاها وشامٌ على اليد (١) |
لأنّه تعالى الحيُّ القيوم الديّوم ، الذي لا يزول ولا يزال ولا تجري عليه اللوازم البشريّةُ والأحوال والتغيّر والانتقال ؛ وذلك لأنّ الحركة والانتقال والتحوّل من حال إلى حال من سمات الحدوث والإمكان القابلين للعدم والاضمحلال.
وأمّا قوله جلّ شأنه ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) (٢) فإنّما يدلُّ على بقائه على تقديره ودوامه في مملكته وتدبيره ، ردّاً على اليهود القائلين بأنّ الله لا يقضى يوم السبت شيئاً ، أو أنّه فرغ من الأمر. ولهذا فسّر أمير المؤمنين عليهالسلام في بعض خطبه المرويّة في ( الكافي ) الشأن بـ : « الإحداث البديع الذي لم يكن » (٣).
والقمّي في تفسيره بأنّه : « يحيي ويميت ويرزق ويزيد وينقص » (٤).
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « من شأنه أنْ يغفر ذنباً ، ويفرِّجَ كَرْباً ، ويرفع قوماً ، ويضع آخرين » (٥).
ولا يخفى على ذي حِجْرٍ وحِجَى وفطنة وذكى صدق هذه الاشتقاقات عليه سبحانه بأسرها وإنْ تفاوتت في الوضوح قوّة وضعفاً وظهوراً وخفاءً.
وقد تقرّر في الصرف أنّه متى رجعت الكلمة إلى اشتقاقات واضحة محقّقة ، أي : قرينة ظاهرة ، جاز الحمل على كلّ منها وإنْ ترجّح الأوضح ، لكن على اشتقاقه من ( إله ) بمعنى : عبد وسكن وأولِع وفزع وتحيّر ، ومن ( وله ) بمعنى : تحيّر وحزن وخاف ووجل ، ومن ( تألّه ) بمعنى : تضرّع ، يكون وزنه ( فِعَالاً ) بمعنى : مفعول ، أي : معبود ومسكون إليه ومولَع به بفتح اللّام ومفزوع إليه ، ومتحيّر فيه ، ومخوف ومحزون ، وموجول من سطوته وقدرته ، ومتضرّع إليه. فالهمزة فيه والواو المبدلة همزة
__________________
(١) تاج العروس ٩ : ٣٧٥ باب الهاء / فصل الهمزة ، باختلاف.
(٢) الرحمن : ٢٩.
(٣) الكافي ١ : ١٤١ / ٧.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٣٥٥.
(٥) الأمالي ( الطوسي ) : ٥٢٢ / ١١٥١.