كحلفةٍ مِنْ أبي رياحٍ |
|
يسمعُها لاهُهُ الكُبَارُ (٣) |
وكيف كان فهو مشتقّ إمّا من ( ألَه وألِهَ ) ، كضَرَب وتعِب ، إلاهةً وأُلوهيّةً وألوهة ، بمعنى : عبد ، ومنه قراءة ابن عباس (٤) ( وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ) (٥) أي : عبادتك.
فهو تعالى مألوه ، أي : معبودٌ مستحقّ للعبادة ، بل لا تحقّ العبادة إلّا له ؛ لأنّه لا يكون إلهاً حتّى يكون معبوداً ، وحتّى يكون لعابده خالقاً ورازقاً ومدبّراً وعليه مقتدراً ، فمَنْ لم يكن كذلك فليس بإله وإنْ عُبِد ، ولا تصدق حقيقة هذه الصفات إلّا على ربّ البريّات.
وأمّا من ( ألِهَ ) بمعنى : سكن ؛ إذ الأرواح تسكن إليه والقلوب تطمئن بذكره ( أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) (٦).
وأمّا مِن ( أَلَهَ ) إذا أُولِع ؛ إذ العباد مولعون بالتضرّع إليه في الشدائد حتى الكافر الجاحد ( قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلْ إِيّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ ) (٧) ( وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلّا إِيّاهُ ) (٨).
وأمّا من ( أَلِهَ إليه ) كَفَرِح ، بمعنى : فزع ولاذ ، قال الشاعر :
ألهت إليكم في بلايا تنوبني |
|
فألفيتكم فيها كريماً ممجّدا |
ومنه : ( ألهه غيره ) إذا أزال فزعه وآمنه وأجاره ، إذ العباد يفزعون عند الشدائد إليه ، كما مرّ الاستشهاد عليه ، إذ به تحلّ عقد المكاره والمكائد ، ويفثأ حدّ الشدائد.
__________________
(١) حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي ١ : ٥٧.
(٢) الزخرف : ٨٤.
(٣) ديوان الأعشى : ١١١.
(٤) التبيان ١ : ٢٨ ، جامع البيان ١ : ٨٣ / ١١٨ ، الجامع لأحكام القرآن ٧ : ٢٦٢ ، البحر المحيط ٥ : ١٤٤.
(٥) الأعراف : ١٢٧.
(٦) الرعد : ٢٨.
(٧) الأنعام : ٤٠ ٤١.
(٨) الإسراء : ٦٧.