الثانية : ما يعسر اجتنابه وإن أمكن تحمله بمشقة ، كبيع البيض في قشره والبطيخ والرمان قبل الاختبار وبيع الجدار وفيه الأس ، وهذا يعفى عنه تخفيفا.
الثالثة : ما توسط بينهما ، كبيع الجوز واللوز في القشر الأعلى وبيع الأعيان الغائبة بالوصف عندنا لمشاركته في المشقة. ومنه الاكتفاء بظاهر الصبرة المتماثلة وبظهور مبادئ النضج في بدو الصلاح وإن لم ينته.
ومن التخفيف شرعية خيار المجلس ، لما كان العقد قد يقع بغتة فيتعقبه الندم فشرع ذلك للتروي ، ثمَّ لما كان مدة التروي قد تزيد على ذلك جوز خيار الشرط بحسبه وإن زاد على ثلاثة أيام ، ليتدارك فيه ما عساه يحصل فيه من غبن يشق تحمله.
ومنه شرعية المزارعة والمساقاة والقراض ، وإن كان معاملة عن معدوم لكثرة الحاجة إليها.
ومنه إجازة الأعيان ، فإن المنافع معدومة حال العقد.
ومنه جواز تزويج المرأة من غير نظر ولا وصف دفعا للمشقة اللاحقة للأقارب بذلك ، وإيثارا للحياء وسد باب التبرج على النساء ، بخلاف المبيع وإن كان أمة لعدم المشقة فيه.
ومن ذلك شرعية الطلاق والخلع دفعا لمشقة المقام على الشقاق وسوء الأخلاق ، وشرعت الرجعة في العدة غالبا ليتروى كما قال تعالى « لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً » (١). ولم شرع في الزيادة على المرتين دفعا للمشقة على الزوجات.
ومنه شرعية الكفارة في الظهار والحنث تيسرا من الإلزام بالمشقة ، لاستعقابه الندم غالبا.
__________________
والمضامين ما في أصلاب الفحول ، وكانوا يبيعون الجنين في بطن أمه وما يضرب الفحل في عام أو في أعوام ونهي عنه.
(١) سورة الطلاق : ١.