وبما روي عن علي صلوات الله عليه لا يعدي الحاكم على الخصم إلا أن يعلم بينهما معاملة. ولم يرد له مخالف فكان إجماعا.
قلنا : أهل بيته أعرف بأحواله ولم يذكروا هذا ، ولأن وقائعه المأثورة وأحكامه المشهورة خالية عن كل هذا ، ولو كان شرطا لذكر في كلها أو في بعضها.
وبأنه لو لا ذلك لاجترأ السفهاء على ذوي المروءات والهيئات فادعوا عليهم بدعاوي فاضحات ، فإن أجابوا افتضحوا وإن صالحوا على مال ذهب مالهم.
قلنا : القواعد الكلية لا يقدح فيها العوارض الجزئية ، وكم قد انقضت الأعصار ولم تحصل هذه الفروض.
قالوا : فعل عثمان ذلك وصالح بمال.
قلنا : فيه دليل على عدم اشتراط الخلطة.
ثمَّ نقول : يلزمكم الدور إن جعلتم القاعدة كلية ، لأنه لا يعدى عليه حتى يعلم بينهما خلطة لا تكاد تعلم إلا بالإثبات الموقوف على الدعوى الموقوف سماعها على تقديم الخلطة ، فيتوقف الشيء على نفسه.
فإن قالوا : قد يعلم بإقرار الخصم.
قلنا : حضور الخصم غير واجب لسماع هذه الدعوى فكيف يعلم إقراره. واستثنى بعضهم من اعتبار الخلطة مواضع : الصانع ، والمتهم بالسرقة ، والوديعة والعارية ، والقائل عند موته « لي عند فلان دين » ، وهذا كله تحكم.
الثانية عشر :
لا نظر في باب الدعاوي كلها إلى حال المدعي أو المنكر ولا في الأمور الشرعية كلها إلا إلى الممكن وإن كان الظاهر بخلافه فاستبعاد [ بعض العامة ] (١)
__________________
(١) ليس في ص.