قلت : لأن فيهما معنى الفك والحل ، وتفويض التعيين إلى المباشرة لا يلزم منه تنازع ، بخلاف صورة النزاع. ولأن الغرض في البيع الانتفاع بالمبيع عقيب العقد ، وهو غير ممكن هنا ، لتوقفه على التمييز.
وأيضا فإن الشرع بعث ليتم مكارم الأخلاق ومحاسن الخصال ، والعقلاء يختارون ثمَّ يعقدون غالبا.
واستنبط الشيخ رحمهالله في الخلاف من مسألة بائع العبد ، فيدفع عبدين للتخيير ، جواز بيع عبد من عبدين.
وهو بعيد أصالة ومأخذا : أما أصالة فلما قلناه ، وأما مأخذا فلأنه لا تلازم بين انحصار الحق بعد البيع في عبدين وبين صحة إيراد العقد على عبد من عبدين.
قاعدة :
يشترط كون المبيع مما يتمول ، فلا يصح العقد على ما لا يتمول ، لعدم الانتفاع به كحبة دخن وكالحشار ، لأن بذل المال في مقابلتها سفه.
أما ما خرج عن التمول بكثرته ـ كبيع الماء على شاطئ نهر والحجارة في جبل مملو منها ـ فصحيح لأنه منتفع به في الجملة.
وقد يتعلق الغرض بنفع البائع بالثمن بغير منة ، ولو باع جزءا مشاعا مما يملك بجزء مشاع مساو منه لآخر ، قيل يبطل لعدم الفائدة ، وقيل يصح.
والفائدة في مواضع ، وهي : أنه لو كان موهوبا لم يرجع فيه لأنه تصرف ولو كان ذا خيار حصل به الفسخ أو الإجازة وعدم رجوع البائع فيه إذا أفلس لأنه غير ماله ، ولو كان صداقا (١) لزوجته فعلت فيه ذلك رجع الزوج بقيمة نصفه
__________________
(١) في ص : ولو كان خادما.