لقيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأشكونكما اليه ».
فقال أبو بكر : أنا عائذ إلىٰ الله من سخطه وسخطك يافاطمة ، ثم انتحب أبو بكر يبكي حتىٰ كادت نفسه أن تزهق وهي تقول : « والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها » ، ثم خرج باكياً ، فاجتمع إليه الناس فقال لهم : يبيت كل رجل منكم معانقاً حليلته مسروراً بأهله ، وتركتموني وما أنا فيه ، لا حاجة لي في بيعتكم ، أقيلوني بيعتي (١).
وروي أنه لما خرجا قالت عليهاالسلام لأمير المؤمنين عليهالسلام : « هل صنعت ما أردت ؟ » قال : « نعم ». قالت : « فهل أنت صانع ما آمرك به ؟ » قال : « نعم ». قالت : « فاني أنشدك الله إلّا يصليا علىٰ جنازتي ، ولا يقوما علىٰ قبري » (٢).
إنّ غضب الزهراء عليهاالسلام لم يكن ثأراً لنفسها ، أو لمسائل شخصية بينها وبين الشيخين ، ولو كان كذلك لرضيت عنهما ، إنها غضبت للتجاوز علىٰ حرمة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والانقلاب علىٰ الأعقاب ونبذ الكتاب ، ولهذا فقد أنفت ابنة الرسول أن تذكر ما حدث لها شخصياً من حرق بيتها وضربها وإسقاط محسنها في خطبتها الشهيرة ، وركزت علىٰ المسائل الأساسية التي أثارت في نفسها الوجد والسخط والغضب.
ولو لمست عليهاالسلام تغييراً في موقف الشيخين ممّا ارتكباه ، أو تصحيحاً للمسار الذي انتهجاه ، لسارعت الىٰ الاذن لهما والرضا عنهما.
وقد تواتر عن أبناء الزهراء عليهاالسلام ـ معصومين وغيرهم ـ غضبها علىٰ
_______________________
١) الامامة والسياسة : ١٣ ـ ١٤ ، أعلام النساء / كحالة ٤ : ١٢٣ ـ ١٢٤ ، وراجع دلائل الإمامة / الطبري : ١٣٤ ، بحار الانوار ٤٣ : ١٧٠ و ١٨٩ ـ ١٩٩.
٢) شرح ابن ابي الحديد ١٦ : ٢٨١ ، الشافي / المرتضىٰ ٤ : ١١٥.