علىٰ مسار التاريخ : « فشحّت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين » فتاريخها لا يستقيم علىٰ نحو واحد ، وإنّما كان يجري علىٰ وفق أهواء السلطات السياسية ، ومطامع الحكام الشخصية ، ومواقفهم من أهل البيت عليهمالسلام.
فقد أقطعها عثمان بن عفان لمروان بن الحكم (١) ، ولا ندري ما وجه تخصيص مروان بفدك ، فان كانت ميراثاً ففاطمة عليهاالسلام وأولادها أحقّ بها ، وإن كانت فيئاً ، فما وجه تخصيص مروان بها وهو طريد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وابن طريده ؟! هذا مع ما عرف عنه من مكرٍ وخداعٍ وانحرافٍ وعداءٍ لآل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم !!
وروىٰ الجوهري بالاسناد عن ابن عائشة ، قال : حدثني أبي ، عن عمّه ، قال : لما ولي الأمر معاوية بن أبي سفيان أقطع مروان بن الحكم ثلث فدك ، وأقطع عمرو بن عثمان بن عفان ثلثها ، وأقطع يزيد بن معاوية ، ثلثها ، وذلك بعد موت الحسن بن علي عليهالسلام ، فلم يزالوا يتداولونها حتىٰ خلصت كلّها لمروان بن الحكم أيام خلافته ، فوهبها لعبد العزيز ابنه ، فوهبها عبدالعزيز لابنه عمر بن عبدالعزيز ، فلمّا ولي عمر بن عبدالعزيز الخلافة ، كانت أول ظلامة ردّها ، دعا الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهمالسلام ، وقيل : بل دعا علي بن الحسين عليهالسلام فردّها عليه.
وكانت بيد أولاد فاطمة عليهاالسلام مدّة ولاية عمر بن عبدالعزيز ، فلمّا ولي يزيد بن عاتكة قبضها منهم. فصارت في أيدي بني مروان ، كما كانت يتداولونها ، حتىٰ انتقلت الخلافة عنهم ، فلما ولي أبو العباس السفاح ردّها
_______________________
١) السيرة الحلبية ٣ : ٥٠ ، شرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٢١٦. العقد الفريد ٥ : ٣٣. وتاريخ أبي الفداء ٢ : ٧٩. والسنن الكبرىٰ / البيهقي ٦ : ٣٠١.