النار بسبب مجاورتها ، وشاهد الموجودات بنورها وانتفع بذلك الأثر ، ونظير هذه المرتبة في معرفة الله مَعْرِفَةُ المؤمنين المخلصين الذين اطمأنت قلوبهم بالله وتيقنوا أن الله ( نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) كما وصف به نفسه.
وأعلى منها : مرتبة من احترق بالنار بكليته وتلاشا فيها بجملته ، ونظير هذه المرتبة في معرفة الله مَعْرِفَةُ أهلِ الشهود والفناء في الله وهي الدرجة العليا والمرتبة القصوى ، رزقنا الله الوصول إليها والوقوف عليها بمنه وكرمه ـ انتهى كلامه.
وقد جعل بعض الشارحين المَعْرِفَةَ التي تضمنها قَوْلُهُ عليه السلام « مَنْ عَرَفَ اللهَ ». إلخ ، هي المرتبة الثالثة والرابعة.
وقد ورد في كلام علي عليه السلام إطلاق المَعْرِفَةِ عليه تعالى ، وبه بطلان قول زاعمي عدم صحة ذلك.
وَفِي الْحَدِيثِ « لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فَضْلُ مَعْرِفَةِ اللهِ تَعَالَى مَا مَدُّوا أَعْيُنَهُمْ إِلَى مَا مَتَّعَ بِهِ الْأَعْدَاءَ مِنْ زَهْرَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ».
كأن المراد بِالْمَعْرِفَةِ الثقة بالله ، والانقطاع إليه ، والتوكل عليه ، والاستغناء به عن غيره.
وَفِيهِ « الْمَعْرِفَةُ مِنْ صُنْعِ اللهِ لَيْسَ لِلْعِبَادِ فِيهَا صُنْعٌ ».
واستدل به وبنظائره بعض المتأخرين من أصحابنا على ضرورية المعرفة ، وهو خلاف المتفق عليه من كسبيتها وتأويله أن الله سبحانه لو لم يخلق للعبد القوى التي تحصل له بها هذه الحالة لم يكن له فيها صُنْعٌ من نفسه.
وَفِيهِ « مَعْرِفَةُ اللهِ تَعَالَى تَصْدِيقُ اللهِ تَعَالَى ، وَتَصْدِيقُ رَسُولِهِ ، وَمُوَالاةُ عَلِيٍّ عليه السلام ، وَالِايتِمَامُ بِهِ وَبِأَئِمَّةِ الْهُدَى وَالْبَرَاءَةُ إِلَى اللهِ تَعَالَى مِنْ عَدُوِّهِمْ ، هَكَذَا يُعْرَفُ اللهُ ».
وَفِيهِ « أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ الْعَبْدُ مُؤْمِناً أَنْ يُعَرِّفَهُ اللهُ تَعَالَى نَفْسَهُ فَيُقِرَّ لَهُ بِالطَّاعَةِ ، وَيُعَرِّفَهُ نَبِيَّهُ فَيُقِرَّ لَهُ بِالطَّاعَةِ وَيُعَرِّفَهُ إِمَامَهُ فَيُقِرَّ لَهُ بِالطَّاعَةِ ».
وَفِيهِ « حَمَلَةُ الْقُرْآنِ عُرَفَاءُ أَهْلِ الْجَنَّةِ ». قيل فيه : الْعُرَفَاءُ جمع عَرِيفٍ وهو القيم بأمور القبيلة والجماعة من الناس يلي أمورهم ويتعرف الغير منه أحوالهم