والعَارِفَةُ : الخير مثل المعروف.
وفِيهِ « اعْرِفُوا اللهَ بِاللهِ ». ومعناه أن الله خلق الأشخاص والأنوار والأرواح ، وهو جل ثناؤه لا يشبهه شيء من ذلك فإذا نفي عنه الشبهين : شبه الأبدان وشبه الأرواح ، فقد عرف الله بالله.
وقيل يعني اعرفوا الله بالعنوان الذي ألقاه في قلوبكم بطريق الضرورة من غير اكتساب واختيار منكم.
وفِيهِ « مَنْ عَرَفَ اللهَ ». إلخ هو مِن عَرَفْتُ الشيءَ من باب ضرب : أدركته.
والمَعْرِفَةُ باعتبار السبر قد يراد بها : العلم بالجزئيات المدركة بالحواس الخمسة كما يقال عَرَفْتُ الشيءَ أَعْرِفُهُ بالكسر عِرْفَاناً إذا علمته بإحدى الحواس الخمسة.
وقد يراد بها إدراك الجزئي والبسيط المجرد عن الإدراك المذكور كما يقال عَرَفْتُ اللهَ ولا يقال علمته.
وقد يطلق على الإدراك المسبوق بالعدم أو على الإدراك الأخير من الإدراكين إذا تخلل بينهما عدم كما لو عرف الشيء ثم ذهل عنه ثم أدرك ثانيا وعلى الحكم بالشيء إيجابا أو سلبا.
والمراد من مَعْرِفَةِ الله تعالى كما قيل : الاطلاع على نعوته وصفاته الجلالية والجمالية بقدر الطاقة البشرية.
وأما الاطلاع على الذات المقدسة فمما لا مطمع فيه لأحد.
قال سلطان المحققين : إن مراتب المَعْرِفَةِ مثل مراتب النار مثلا ، وإن أدناها من سمع أن في الوجود شيئا يعدم كل شيء يلاقيه ويظهر أثره في كل شيء يحاذيه ويسمى ذلك الموجود نارا ، ونظير هذه المرتبة في معرفة الله تعالى مَعْرِفَةُ المقلدين الذين صدقوا بالدين من غير وقوف على الحجة.
وأعلى منها : مرتبة من وصل إليه دخان النار وعلم أنه لا بد له من مؤثر فحكم بذات لها أثر هو الدخان ، ونظير هذه المرتبة في معرفة الله مَعْرِفَةُ أهل النظر والاستدلال الذين حكموا بالبراهين القاطعة على وجود الصانع.
وأعلى منها : مرتبة من أحس بحرارة