[ ٢ / ١٩٨ ] الآية عَرَفَاتٌ هي الموضع المعروف ، قِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَا رُوِيَ أَنَّ جَبْرَئِيلَ عَمَدَ بِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام إِلَى عَرَفَاتٍ فَقَالَ : هَذِهِ عَرَفَاتٌ فَاعْرِفْ بِهَا مَنَاسِكَكَ ، وَاعْتَرِفْ بِذَنْبِكَ فَسُمِّيَتِ عَرَفَاتٍ.
وروي غير ذلك في وجه التسمية ، ولا منافاة.
وحدها : من بطن عرنة وثوية ونمرة إلى ذي المجاز ، كما جاءت به الرواية وسيتم الكلام بها إن شاء الله تعالى.
وَفِي الْحَدِيثِ « كُلُ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ ».
الصدقة : ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة ، ومعناه يحل كل معروف محل الصدقة بالمال ، فالمعروف والصدقة وإن اختلفا في اللفظ ، فإنهما متقاربان في المعنى.
وَفِيهِ « أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ ». أي من بذل معروفه آتاه الله جزاء معروفه.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ « قَالَ : يَأْتِي أَصْحَابُ الْمَعْرُوفِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُغْفَرُ لَهُمْ لِمَعْرُوفِهِمْ وَتَبْقَى حَسَنَاتُهُمْ تَامَّةً فَيُعْطُونَهَا لِمَنْ زَادَتْ سَيِّئَاتُهُ عَلَى حَسَنَاتِهِ فَيُغْفَرُ لَهُ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَيَجْتَمِعُ لَهُمُ الْإِحْسَانُ إِلَى النَّاسِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ».
وفِيهِ « لَيْسَ شَيْءٌ أَفْضَلَ مِنَ الْمَعْرُوفِ إِلَّا ثَوَابُهُ ».
وفِيهِ « لَيْسَ كُلُّ مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَصْنَعَ الْمَعْرُوفَ إِلَى النَّاسِ يَصْنَعُهُ ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يَرْغَبُ فِيهِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَلَا كُلُّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ يُؤْذَنُ لَهُ فِيهِ ، فَإِذَا اجْتَمَعَتِ الرَّغْبَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالْإِذْنُ فَهُنَاكَ تَمَّتِ السَّعَادَةُ لِلطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ إِلَيْهِ ».
وفيه دلالة على عدم الاستطاعة للإنسان كما تقدم.
وفِيهِ « صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَدْفَعُ مِيتَةَ السَّوْءِ وَتَقِي مَصَارِعَ الْهَوَانِ ». يعني أعمال الخير والرفق والإحسان إلى الغير تدفع ميتة السوء وتدفع مصارع الهوان أعني الذل.
والمَعْرُوفُ : ما يقابل الحسن المشتمل على رجحان فيخص الواجب والمندوب دون المباح والمكروه وإن دخلا في الحسن.