خلاف التحقيق ، وغاية ما التزمنا به في الأُصول (١) دلالة القيد على عدم كون الطبيعة المهملة أينما سرت موضوعاً للحكم ، وهو كذلك في المقام ، فانّ العالم العامد ، وكذا الجاهل بالحكم كما عرفت غير مشمول لهذا الحكم. وأمّا الدلالة على انتفاء الحكم عن الفاقد للقيد كي يدلّ على المفهوم الاصطلاحي كما في الجملة الشرطية فكلاّ ، فلا منافاة بينه وبين ما دلّ ولو بإطلاقه كصحيحة معاوية بن عمار على ثبوت الحكم في فاقد القيد حتى يجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد ، ولعلّ التقييد في المقيد جارٍ مجرى الغالب ، إذ الغالب في من يدخل في الصلاة أنّه يرى نفسه على القبلة كما لا يخفى.
وكيف كان ، فلا قصور في شمول المعتبرتين للمقام ، أعني فرض ضيق الوقت ، هذا.
مع أنّ البحث عن دخول الفرض في المعتبرتين قليل الجدوى ، فانّ هذا الفرض في الحقيقة خارج عن محل الكلام أعني وجوب الإعادة في الوقت وعدمه إذ المفروض ضيق الوقت عن رعاية الاستقبال بحيث لم يتمكّن من الإعادة لو انكشف الخلاف ، وإلا لم يكن من الضيق ، فلا بدّ في مثله أن يكون الانكشاف خارج الوقت ، فالبحث لو كان إنّما هو في وجوب القضاء وعدمه دون الإعادة. وستعرف إن شاء الله تعالى (٢) أنّ مقتضى الأدلّة عدم وجوب القضاء حينئذ. فلا موضوع لهذا البحث في المقام.
وأما الغافل أي من يصلّي إلى جهة غافلا عن أنها ليست بقبلة فهو أيضاً مشمول لإطلاق صحيحة معاوية ، إذ لا مانع من الشمول عدا توهم تقييد الإطلاق بمفهوم موثق الحسين بن علوان ، المستتبع لعدم الانطباق حينئذ على الغافل ، لعدم كونه ممن يرى أنّه يصلي إلى القبلة المأخوذ في موضوع الموثق ، وقد عرفت الجواب عنه آنفاً من عدم ثبوت المفهوم للوصف ، ومفهوم
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ١٣٣.
(٢) في ص ٥٥.