إنّما الإشكال في القسمين الآخرين وقد ذهب جمع إلى حرمة اللبس فيهما. وذكر كاشف الغطاء (١) في وجهه أنّه لم يعهد صنع الثوب ، بل ولا غيره مما لا تتم الصلاة فيه كالقلنسوة ونحوها من الذهب الخالص ، بل المتعارف خلطه بغيره إمّا بجعل سداه من الذهب واللحمة من غيره أو بالعكس ، أو يكون بنحو التطريز ، ولا ريب أنّ النهي في الأخبار منصرف إلى الفرد المتعارف دون ما لا يعهد ، فلو اتفق صنعه من الذهب الخالص فهو غير مشمول للنهي.
والجواب عنه ظاهر كما ذكره المحقق الهمداني قدسسره (٢) إذ لم يتوجّه النهي في شيء من الأخبار إلى لبس ثوب من الذهب كي يدعى انصرافه إلى المتعارف ، بل متعلّق النهي مجرّد لبس الذهب ، وكم له مصداق من الذهب الخالص كلبس القرط والسوار والخاتم والخلخال ونحوها مما تتزيّن النساء بلبسه مع فرض خلوص الذهب ، وكأنّ المقصود من تلك الأخبار منع الرجال عن لبس هذه الأشياء التي هي من مختصات النساء.
فالإنصاف : أنّه لا دليل على حرمة اللبس في هذين القسمين ، لعدم صدق لبس الذهب الذي هو الموضوع للحكم كما عرفت في شيء منهما ، بل ما هو ذهب غير ملبوس ، وما هو الملبوس لا يصدق عليه أنّه لبس للذهب ، بل هو لبس شيء استعمل فيه الذهب في سداه أو لحمته ، أو طلي بالذهب كما في التطريز ، لا أنّه بنفسه لبس للذهب.
وما يقال من أنّ من لبس ذلك يصدق عليه أنّه لابس للذهب ، وإن لم يصدق الذهب على نفس اللباس لأنّه جزؤه لا كلّه ، فلا ضير في عدم الصدق في الملبوس ، مدفوع بأنّ هذه الاشتقاقات تتبع المبدأ في الصدق ، ولا يختلف الحال فيها باختلاف الهيئات ، فإذا لم يصدق على اللباس أنّه ذهب ولم
__________________
(١) كشف الغطاء : ١٩٩ السطر ٣٥.
(٢) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ١٤٤ السطر ٢٢.